مشهد احتفاء الأشقاء في السعودية، باليوم الوطني الخامس والأربعين لوطنهم الإمارات، كان درساً في الحب، وطرساً يطوي في حروفه نبل الأوفياء، وسجية النبلاء، وخصال النجباء.. لم أكن أعرف هل كنت في مملكة سلمان الحزم، أم في إمارات الجزم، لأن الصورة كانت جلية، وكان للعلمين المرفرفين شهامة الألوان، وعلاقة الوجدان المتألق بمشاعر الود التي تجمع بين شعبين، في وعاء الحب، لتبدو شجرة الانسجام سامقة، باسقة، عناقيدها شرايين قلوب لوّنها الله بالحب، وأمدّها بطراوة العشاق المدنفين، شوقاً وتوقاً إلى منابع الحُلُم الأصيل، والحِلم الجميل. كنا قد سئمنا ووصلنا إلى الذروة القصوى بعدما شاب الوطن العربي الكبير، من شروخ أدت إلى طرائق قدد، ولكن بعزم وحسم القيادتين في البلدين الشقيقين الإمارات والسعودية، كان الجواب أننا قادرون على إعادة النهر العربي إلى مجراه الطبيعي، وإن ما شابه من تعثر لا يعني أن المستحيل قد حدث، بل إن الوعي المدعوم بالحب والإيثار، هما الطريق إلى جنة الألفة، هما المكان الذي سعت القيادتان إليه، والآن هذه الثمار نقطفها نحن العشاق، نحن الذين دائماً كنا نرى في المملكة العين والحاجب، والقلب الصاخب، كنا نرى في المملكة، طريق الحرير إلى قلب عربي إسلامي، يتدفق دما حراً، وينبض بالدفء والحنان. عندما شاهدت الأشقاء يهتفون باسم الإمارات رافعين العلم المجلل بالألوان الأربعة، أصابتني القشعريرة، وأدمعت عيناي، إنه المجد الذي نلمسه، والوجد الذي نحسه والسعد الذي يسكن صدورنا، ويفترش شرشفاً مبللاً بالعذوبة. كان للمشهد معناه، كان له مغزاه، كان له الدلالة المعرفية، والبعد القومي والإسلامي، الذي يخط سطوره قادة البلدين، لكبح جماح الحقد والكراهية، وردع من تسول لهم عقولهم الضيقة إلى الإساءة أو الاقتراب من طَرَفٍ أو طَرْف.. هذا المشهد كان تعبيراً حقيقياً عن الإنسان الأخلاقي في جزيرة العرب، هذا المشهد كان رسالة واضحة للمتربصين، تقول لهم: نحن هنا، نحن أبناء زايد وسلمان، يد واحدة تمتد باتجاه الحق، نحو الحقيقة والمدى، رؤية الصادقين المخلصين الذين لا تأخذهم لومة لائم في القصاص من الجاني، والأرواح رخيصة في سبيل إنتاج العدالة الإنسانية، ومنع الظالم من التمادي في الظلم، وكبح المتجبر وردع المتزمت، والدفع بالتي هي أحسن لأجل أن يحفظ العالم ملامحه الجميلة، ومعالمه الأصيلة.. شكراً عيال سلمان، أثلجتم صدورنا، بجمال قلوبكم الوفية.