أيتها المرأة التي حبكت الوجود بأصابعها المبدعة، وعجنت خبزها بروحها وقالت للبشرية: تكاثري فحيث أوجد توجدين..
شيدت المنازل حين السماء ظل والمحيط فضاء مطلق.
أنت قوة الحياة وبهاؤها وما زلت... لمجدك شيدت المعابد ورسمت غرائب الطقوس. وضد سطوعك نسجت قيود وأسوار ومعاقل.. كل الأقاويل التي نقشت على مدار العصور ومسيرة البشرية، كانت وما زالت توغل في النقش ضدك..كأنك الهيبة الأزلية التي من سطوع وهجها ترتعش القلوب وتستعصي على العقول، وما من وسيلة إلا التغييب كي يخفت وهجك فلا تبهرين بعد، ولا تضيئين ما حولك. ألست أنت الرحم والحضن والبيت والسكينة والطمأنينة والنشيد. ألست من زرع قبل البذار، ونسج قبل النسيج، وهيأ الموائد للعابرين؟
من علم البشر الحب سواك؟ ألأن الحب جوهرك والسلام فضاء روحك، خرجوا عليك، وعلى الحب والسلام وأشعلوا لهب الكراهية والحروب. وكان ينبغي لهذا الاشتعال كي يسود أن ترفع حولك الأسيجة ويحيط بك الظلام كي لا تري إلا عتمة تلفّك وقيداً يرن في خطواتك.
يوم من كل عام، ومنذ أعوام قليلة فقط، كل ما كسبته بعد صراع وكفاح وتضحيات كي يتذكروك ويروجوا زهرة وبطاقة وجملة منك أنت صياغتها ومن فتنتك رقتها ومن ضيائك شاعريتها إذا ارتقت.
ألست أنتِ من نقش الجمال على صفحات الوجود وطرز الحكايا؟ ألست أنت من أطلق أجنحة الخيال وأبدع الشعر والغناء قبل الأبجديات؟ ألم تعزفي قبل الوتر وتنشدي قبل احتدام النشيج؟ ألم تهزِي مهد البشرية وتترنمي قبل الترانيم كي تغفو مطمئنة في رحاب حبك؟ ألم تنسجي الأساطير من وهج حضورك؟ وتحبكي نسيج السلام والحب ليضيء أزمنة الإعتام؟ ألست أنت نبع القصائد ونهرك الروح حين تفيض بشاعريتها؟ أليست الشاعرية في القصيدة روحاً تشع حين تقتبس من صفاتك؟ وما الشاعرية غير أنوثة الخيال ورداء اللغة. هل تعرفين لماذا قلتُ (كل امرأة لغة، وكل قصيدة أنثى)؟ لأنك الشاعرية مجسدة في هيئة امرأة. فكل أغنية لا تصفك، لا تطرب. وكل رواية لا تجسدك لن تكتب بعد. كل بيت لا تخطرين فيه موحش وقارس وقاحل. والرجل سواء كان أباك وأخاك وابنك وزوجك، حين يرق ويرهف ويشف ويعذب ويرأف ويحب ويحنو، ويبدع، فلأنه اقتبس من صفاتك بعضها وتوغل شعاع روحك في روحه، وتشذب في رحاب ظلك. هنيئاً لكُنْ يا نساء الإمارات بيومكن كل عام.
هنيئاً للبشرية إذ تهتدي بكن وتستكين إلى السلام
فأنتن السلام ومنكن السلام ولكُنَّ السلام!