في كل بلاد العالم، عندما تشاهد شرطياً ولو عن بعد، تشعر بالجفاء، ويهتف قلبك قائلاً هذا شرطي، فابتعد. في بلادنا الأمر مختلف، فأنت عندما تجد شرطياً، تحس بجاذبية أرضية تقودك نحوه، تريد أن تقترب منه، وتتأمل المشهد الحضاري الذي يتمتع به هذا الإنسان. وفي أبوظبي، وأنت تمر بين الأزقة والحواري، يصادفك رجال من هذا الزمان الجميل، يمتطون صهوات الخيل، مكللين بجمال النفس، متوجين بحسن الخصال، يطوون المكان بسجادة المشاعر الدافئة، يطوقون وجدان الناس بقلائد الأمن والأمان والخيل الأصيل ترفع هامة الصحراء النبيلة، صاهلة، كأنها نعيم البريق قبل هطول المطر، ناهلة من فضاء الإمارات الصافي، فمحدقة في الوجوه، قائلة: لا تخشوا شيئاً نحن هنا من أجل الرعاية والعناية والحماية، نحن هنا نرسم لوحة تشكيلية تعبر عن اهتمام القيادة الرشيدة، بشؤون الإنسان وشجونه، نحن هنا من أجل نعيم العيش، وطلاوة الحياة، وحلاوة المكان، نحن هنا لكي تكون الدنيا تحت رقابة النجوم المتلألئة، وبين رموش الأقمار اللامعة. بين الأزقة يبدو رجال الشرطة، كنوارس تحرس الموجات وتعانق السواحل، بعيون ساهرة، وأفئدة زاخرة بالحب، والوفاء للوطن.. بين الأزقة، نرى هؤلاء الرجال الذين غابوا عن أهلهم وأطفالهم، ليؤدوا واجبهم الوطني، وليكونوا حاضرين في المكان، يحرسونه بقلوبهم الملأى بالحب، يحيطونه بالطمأنينة والاستقرار.. وكم هي الإمارات فخورة بهؤلاء المتفانين، اليقظين، القابضين على المنجز الحضاري، بعقول لا تغفل، ونفوس لا تغفو، هم رجالنا وإخواننا وأبناؤنا وأحباؤنا، يسردون في الليل عن حكاية الأمل والفرح الذي يلف الناس حين يرون إخوة لهم، منتصبين في المكان كأنهم الجبال الشم، كأنهم جذوع النخل، كأنهم الأبد، ويكتبون على صفحات الوطن ملاحم للزمن، للإنسان، ولتاريخ لن ينسى أبداً ما يسطره هؤلاء من نماذج جديرة بالحب والاحترام والتقدير، وعن أمثلة ناصعة جلية مجللة بالفخر والاعتزاز، وليس هذا بالأمر الغريب على أبناء الإمارات، لأنهم من نسل الشيم التي غرسها زايد الخير، طيب الله ثراه، ولأنهم من زرع هذه الأرض الخصيبة، ولأنهم من قماشة القيم الرائعة التي كرسها الآباء والأجداد، ولأنهم من أسطورة البحر الأغر أخذوا الخلود والمجد المجيد، ولأنهم رضعوا الحب من أحشاء النخلة النجيبة، حتى صاروا هم الجذر والوتد، لوطن مداه حب لا يتئد.