إيران وقعت في الوهم التاريخي، ولن تجدي كل محاولات الترويض، مهما بذل العقلاء من جهود لإثناء هذا الكائن الخرافي عن بغيه وغيه، لأنه نام واستيقظ ذات يوم على حلم أنه يستطيع أن يستولي على حقوق الآخر، بما لديه من إمكانيات فقاعية، فعندما تهدد إيران بإغلاق مضيق هرمز، فيما لو فكرت أميركا بفرض العقوبات المشددة عليها، فإن ذلك لا يرجع إلى القوة الخارقة التي تتمتع بها إيران، فهذه الدولة خاوية من الداخل، ولا تملك غير الوهم، وكل رصيد إيران من هذه الدنيا هو الشعارات الصفراء التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والشعب الإيراني المغلوب على أمره، يعاني الشظف والفاقة، ما يجعله يستنكر كل مغامرات بلده، وتبذيرها لمقدراته، في حروب عبثية وعدمية أحرقت الأخضر واليابس، ولم تبق ولم تذر ما يدر على هذا الشعب من قوت يحفظه من العوز والمرض والأمية.
الآن وقد نفدت كل محاولات الكبح لهذه الدولة التي يتحكم في زمام أمورها زمرة من الحمقى والطائشين والمتهورين والعابثين، والمتهورين الذين لا يفكرون إلا بإرضاء تلك «الأنا» التي تورمت حتى صارت بالوناً متفجراً يجوب في أجواء العالم، وينفث غازه السام في صدور الآخرين.
وإيران لم تجد من تعاديه وتفرز كل ضغائنها ضده إلا العرب، منتهزة في ذلك الضعف والهوان الذي أصاب أغلب الدول العربية، والتمزق الذي أفرزته التشققات في الوجدان العربي، اليوم أميركا فهمت اللعبة، وعرفت جيداً أن ملالي إيران لن يرتدعوا، ولن يصحوا من الغفلة المزرية إلا بالعين الحمراء، وأقدمت على فرض العقوبات، من دون تردد أو استقدام الدبلوماسيات التي لم تجد نفعاً مع من لم يفهم أصول الحوار الحضاري، هذا القرار الشجاع، جعل المجانين يلطمون الوجوه، ويتشفعون المعاونة من القريب والبعيد، وبعد أن فهموا أن المسألة ليست لعبة شطرنج، وإنما هي مبادئ عالمية لا تقبل القسمة على اثنين، وأن الذي لا يرتدع بالحسنى، فإن العصا الأميركية طويلة وغليظة، وقادرة على الردع وبقوة يعرفها حكام إيران، ويحفظونها عن ظهر قلب، إنما كانت مراوغاتهم نابعة من محاولة يائسة بإفهام العالم بأنها دولة قادرة على مواجهة الأقوياء، وبكل صلف، واستخفاف بقوة الآخرين.الآن جاءت ساعة المحاسبة، وعلى المخدوعين أن يتحملوا نتائج جهلهم وغلوائهم، والصور الخيالية التي رسموها لأنفسهم، عليهم أن يواجهوا الحقيقة.