هذه الشامخات العاليات، الصاعدة إلى كبد السماء، مثل حلم الإمارات بالرقي إلى العلى.. هذه الجبال لها تداعيات خاصة، فعندما تتأمل هذا النهوض فوق سطح الأرض، يبدو وكأنه مثال للصلابة والقوة والحماية وأيضاً العطاء.
الجبال في الإمارات لم يكتب عنها الكثير، ومعظم من يمسكون بالكتابة أسرى السواحل والهضاب والرمال.
وحده الشاعر سيف الرحبي كتب عن الجبل، وبما أن جبال الحجر هي امتداد للجبال المشتركة بين الإمارات وعُمان، فإننا نقول إن العُماني سيف الرحبي الشاعر الجميل أبدع فيما كتبه عن الجبال.
في الإمارات هناك كتّاب ومثقفون هم الأقرب إلى الجبال من رأس الخيمة إلى المنطقة الشرقية، قد تقتحم كتاباتهم أو بعضها صورة الجبل، لكن للمدينة دائماً سحرها وتأثيرها القوي، فهي منبع العلم والعمل وموطن الحياة المتجددة وحركة الناس وتفاعلهم اليومي، بالإضافة إلى الموانئ وتأثيرها، لذلك هي أكثر جذباً وتأثيراً من صمت الجبال، خاصة في الأزمنة القديمة. أما الآن، ومع تطور الطرق والمواصلات في الإمارات، فقد أزيحت الكثير من العقبات التي كانت تحول دون أن يكتشف الناس هذه البيئة الجميلة، خصوصاً في فصل الشتاء، وبعض أيام الربيع أو الخريف.
تنقصنا الكتابة عن هذه البيئة المهمة، وربما لم تنظر المؤسسات الثقافية في إعداد برامج نوعية لتناول بيئات الإمارات كافة، كأن تدعو مثلاً العديد من الكتّاب والمثقفين إلى إقامة صغيرة في هذه الأمكنة للتفاعل معها، وتقديم صورة قلمية عما تختزنه من سحر وما ينتج عنه من تداعيات. وليس الجبل وحده، هو المقصود هنا، وإنما الجزر والسواحل البعيدة وكذلك المناطق الزراعية والصحراوية. فنقل صورة عن بيئة الإمارات والكتابة عنها تحتاج لمن يؤمن بالأرض وبالإنسان المندمج فيها، وهنا لا نقصد الكتابة الصحفية التقريرية، وإنما الكتابة الوجدانية الأدبية، وبالتأكيد لن يكون أفضل من أبناء هذه المناطق، الجبال، السهول، البحر، الصحراء والواحات، لإنتاج نصوص تعبر عن الأرض وعن ناسها.
الجبال في الإمارات رمز رائع يشتد سطوعه في الفصول القادمة، وأشرقت الآن بصورة جديدة، بعد أن عمرت القرى المحيطة، به ونمت المزارع القريبة منه، وكذلك عندما توافرت (الموتيلات) الصغيرة أو الاستراحات.
إننا نحتاج لكتابات فنية وأدبية عن هذه الأمكنة، وأحسب أنها سوف تتحقق لو نفذت فكرة الإقامات القصيرة التأملية للكتّاب والمثقفين. فلنجرّب.