قبل أن تعاقبوا النصر على تسجيله اللاعب البرازيلي فاندرلي بأوراق غير سليمة، ألا تعتقدون أنه من المفترض البحث عن هوية الشخص الذي اعتقد أنه أذكى من الجميع وباع لهم الوهم، وباع الوهم ذاته لأندية كثيرة من قبل، ورغم أن العملية كانت مثار شك وريبة طوال السنوات الماضية، إلا أن أنديتنا أصرت على ابتلاع الطعم، ودفعت الغالي والنفيس في سبيل شراء هذا الوهم. وقبل أن تعاقبوا النصر، أليس من الضروري محاسبة كل من كان في موقع المسؤول خلال السنوات الماضية، والذين مرت عليهم أوراق تغيير الجنسيات مرور الكرام، لم يحركوا ساكناً، كانوا يرون السرطان ينتشر ويسري في أنحاء الجسد، ومع ذلك لم يصدر منهم أي إجراء، وكانوا يتفرجون على فصول المسرحية باستمتاع واندماج شديدين، شأنهم بذلك شأن المشجعين. أما النصر فهو الضحية الجديدة لهذه البضاعة التي راجت في دورينا خلال السنوات الماضية، وأتمنى أن يكون الضحية الأخيرة، ولسوء حظه أنه تعامل مع «بائع الوهم» غير المناسب، والذي كانت بضاعته رديئة للغاية، لدرجة أن اكتشاف بطلان أوراق اللاعب القانونية حدث في مباراته الأولى، ورغم السوداوية والمرارة اللتين تغلفان هذا الكشف، إلا أنه لا يجب أن ننكر أنه من حسن حظ النصراوية أنه جاء مبكراً، وإلا لكانت العواقب أسوأ وأشد. النصر هو نادٍ إماراتي، شأنه شأن الآخرين، شاهد البقية تعيث في اللوائح فساداً، تتلاعب بالقوانين الموضوعة، تأتي بلاعب لاتيني وتشتري له جنسية آسيوية بمنتهى السهولة في ظل سلبية ولا مبالاة من اتحاد الكرة، ربما لم يوفق في اختيار «بائع الوهم» المناسب، ولكنه لم يفعل أكثر من البقية، وينطبق عليه بيت الشعر الذي قاله دريد بن الصمة: «وما أنا إلا من غزية، إن غوت غويت وإن ترشد غوية أرشد». اعترف النصر بدوره في تسهيل حصول فاندرلي على الجنسية الأندونيسية أو لم يعترف، هو يتحمل المسؤولية ويستحق العقوبة، ولكن قبل أن تعاقبوا النصر حاسبوا أنفسكم، أنتم أيضاً طرف أصيل ومشارك في كواليس اللعبة، لماذا تركتم الحبل على الغارب، لماذا لم تتدخلوا في الوقت المناسب، لماذا تركتم القنبلة الموقوتة ولم تسارعوا إلى إبطالها، واليوم كرة الإمارات كلها تدفع الثمن، حاسبوا كل من ساهم وكل من بادر، وحاسبوا كل من شاهد هذا العبث بأم عينه وغض النظر، حاسبوا كل هؤلاء وبعد أن تفعلوا، تفضلوا وعاقبوا النصر.