أحياناً لا تدري كيف تأتي الأمور، خاصة حين نعجز عن التفسير المادي، فنلجأ لمسألة المصادفة، والحظ، وغيرها من المسميات التي تريح العقل أحياناً، ولكنها لا تقنعه، فمسألة أن للإنسان من اسمه نصيباً ينطبق عليها الحال، وهي فحوى المقال، لكن ليس هذا النصيب دائماً إيجابياً، فأحياناً تعاكس الأسماء أفعال أصحابها، فالكريم قد يكون بخيلاً، ونصيب ومبخوت وبخيت، كلها من الحظ، لكن قد لا يصادفهم الحظ في حياتهم، تماماً مثل ما كان يطلق على الجلاد والسيّاف اسم «مسرور» في الحكايات الشعبية العربية، فكيف يكون مسروراً، وهو يومياً يشاهد رؤوساً تتدربح أمامه أو رؤوساً عاندت ثلمة سيفه، لذا كانت لدينا، وربما هي عند العرب قاطبة، ومنذ قديم الزمن، أن يتلقبوا بالأضداد، فاللديغ يسمى «سليم»، والأعمى يسمى «بصير»، وصاحب العين العوراء يسمى «كريم» العين، والصحراء المتاهة، تسمى مفازة، وينطبق ذلك على بعض الأسماء التي يطلقونها على الأطفال لكي يعيشوا أو يخرجوا من محنة المرض وخلافه، كأن يتسمى الطفل باسم ثقيل لتكتب له الحياة، مثل «عتيق، ومعتوق، عاتق، وسالم ودرويش وغانم» وغيرها. ما أثار هذا الموضوع في ذهني خبر تفجير فندق «الانتر» في كابول، وعملية القتل العشوائي والحريق، والذي تبنته حركة «طالبان» بفخر كعادتها، وكان على لسان الناطق باسم حركة «طالبان» «ذبيح الله مجاهد»، وهذا بالتأكيد اسمه، وليس لقبه، وإذا كان الناطق على هذه الشاكلة، «ذبيح الله»، فلن يأتيهم الخير، خاصة وأنه لن يخرج على الناس ببشارة في يوم ما، وربما لم يجرب الضحك، فكل تصريحاته عن قتل مدنيين وأبرياء، وتحطيم موروثات الحضارات القديمة، وتفجيرات، وتعسف تجاه المرأة، وعدم الاعتراف بالطفولة وبراءتها، ولأن الشيء بالشيء يذكر، تعجبت كثيراً من اسم صحيفة «داعش» والتي أطلقوا عليها «مرج دابق»، وهو اسم يناسب المعركة التي تسمت باسم المكان، لكنه حتماً لا يصلح لأي وسيلة إعلامية، ناهيك أنه لا يتماشى مع تكنولوجيا المعلومات، وثورة الاتصالات، ولو حاولت أن تكتبه بحرف أجنبي، فربما تهيأ لك لأول وهلة أنه اسم لصحيفة ألمانية، على شاكلة «دير شبيغل»، وبالتأكيد سيكون شعار الصحيفة سيفاً وترساً ودرعاً من الزرد على «شوية دم سائل»، لكنه يتناغم مع أسمائهم وألقابهم التي حفروها من المقابر، وأتوا بها من الأزمنة الغابرة، ليطلقوها في وجه العصر الحديث، وليمارسوا بسطوتها ورنينها «الديني» الفتك بالعباد، والخراب للديار!