كنت في السادسة من عمري، حين عدت يوماً من المدرسة لأتناول الطعام.. كالعادة لا يوجد سوى الخبز والحليب على المائدة، هذا هو الشيء الوحيد الذي نستطيع تحمل تكاليفه. هكذا افتتح روي روميلو لوكاكو قصته التي بدأ بها بتذكر أهم منعطف في الحياة.. ويقول الهداف التاريخي الحالي للكرة البلجيكية في أحد الأيام لم تسر الأمور كما كل يوم، رأيت والدتي أمام الثلاجة، وبيدها شيء تخلطه مع الماء، تأملت أن يكون شيئاً جديداً سأتذوقه أخيراً.. لكن الحقيقة لم تكن كذلك.. فقد كانت تخلط الحليب مع الماء! هذا المستوى المعيشي لا أعتقد أنه فقر، بل هذا تحت خط الفقر، ربما يكون ما يطلق عليه العدم! انحدر المستوى أكثر وأكثر، والذي اضطر والده ليبيع جهاز التلفاز في البيت، وهو ما يعني لهم، أن لا كرة قدم ولا مباريات يمكن متابعتها في البيت! الأمور لم تقف عند التلفاز فقط، كما يقول اللاعب الأسمر ويضيف: كنت أعود للمنزل، وأبقى لأسبوعين متواصلين من دون كهرباء.. أذهب للحمام فلا أجد ماءً ساخناً، أمي تغلي الماء وتسكبه على رأسي! هذا جزء من قصة لاعب ينال أسبوعياً اليوم من ناديه الحالي مانشستر يونايتد مليون درهم إماراتي، وربما أكثر.. وعد والدته وهو لم يكمل العاشرة أن يحول حياة العدم إلى مستوى آخر لا تحلم به.. كانت تظنه يبالغ، وكانت تعتقد أنه يريد التخفيف عليها..ولكنه يقول لعبت كل مبارياتي بعدها وكأنها مباراة نهائية.. كان ضخماً وهدافاً، ويسجل في المراحل السنية عدداً كبيراً من الأهداف، ما جعله يرتقي لمرحلة سنية أعلى من عمره بسرعة! اللاعب ذو الأصول الأفريقية بات يمثل اليوم الأمل للتجربة البلجيكية في كرة القدم، أصبح لديهم منتخب مرشح لنيل أي لقب ممكن.. حتى لو كان ذلك كأس العالم! الاتحادات الرياضية أو الأكاديميات أو المدربون أو حتى الأندية.. قد تصنع منك لاعب كرة قدم، وقد تصقل موهبتك وتطورها، وقد ترفعك من لياقتك البدنية.. ولكنها لا تقدر أن تحقق أحلامك وتشكل شخصيتك، وتحطم سقف طموحاتك وتذهب بك إلى القمة، الظروف وتحديات الحياة ودموع الأم، ومعاناة الأب كلها قد تكون أحجاراً تحطمك ،وتكسر ظهرك، وقد تكون سبباً لأن تكون برجاً تصعد بها فوق الجميع! كلمة أخيرة في عقل كل ناجح صورة من الألم.. طار بها إلى القمم!