لا أتفق مع العنوان العريض والكبير لإحدى وكالات الأنباء المهمة، حول خروج منتخب الأرجنتين من دور الـ 16، في نهائيات كأس العالم، على يد المنتخب الفرنسي المتطور والقوي والخطير. الوكالة عنونت بقولها «ميسي بطل من ورق»، ومجرد اختزال منتخب من 11 لاعباً، بشخص لاعب واحد، هو أمر لا أتفق معه، فكيف بمن حمل جائزة أفضل لاعبي العالم 5 مرات آخر 10 سنوات. أقول هذا الكلام، وأنا لست من مشجعي الأرجنتين ولا برشلونة، ولم يسبق لي أن نقدت أو حللت أو تحدثت بناء على الميول التي أراها تطغى على كل شيء في تحليلات حتى كبار النقاد. نعم كأس العالم استعصت على ميسي الذي أتوقع أن تكون روسيا 2018، هي نهايته لاعباً دولياً مع منتخب بلاده، وحتى لو بقي يلعب، فهو لن يصل وينافس على كأس عالم أخرى، لأن عمره لن يسمح له بذلك إلا إذا حدثت معجزة. ومن يقرأ في أسماء التشكيلة الأرجنتينية يرتعب من قوتها «النظرية»، فمن ماسكيرانو إلى أجويرو، وهيجواين ودي ماريا وديبالا وميسي، ولكن كل هذه الأسماء يحركها مدرب يدعى سامباولي أجمع العالم كله على أنه السبب الأول في كارثة الخروج الأرجنتينية، وهذه أيضاً قد نتفق وقد نختلف معها، لأن هذه الأسماء بالكاد تحتاج لمدرب ليعلمها كيف تتحرك بشكل جماعي، وكيف تسدد وكيف تهاجم. في مباراة الخروج لم يكن ميسي الذي نعرفه، لأن الفرنسيين أيضاً كانوا أقوياء ويتحركون بسرعة وتنظيم، والأهم بفاعلية، ولهذا يجب أن لا نغبنهم حقهم من الإشادة، وبصراحة مطلقة إن لعبوا بهذه القوة والوتيرة بقية مبارياتهم، فهم الأقرب والأكثر ترجيحاً للقب. ميسي لديه عقدة أسمها كأس العالم، وستبقى عقدته حتى بعد اعتزاله، ولكن لم ولن يكون بطلاً من ورق، بل هو أحد أهم لاعبي وأبطال العالم، وهو من أكثر الناس إلهاماً للأجيال، ومن غير المنصف أن يتم التركيز عليه شخصياً، بينما تضم التشكيلة أيضاً أسماء تقترب منه في الوزن والأهمية. بالطبع كرة القدم، وإن كانت لعبة جماعية، ولكنها أيضاً لعبة النجوم القادرين على تغيير المعادلات، ويبدو أن معادلة الأرجنتين كانت عصية على المدرب الذي لم يعرف كيف يستثمر كل هذه المفاتيح التي لديه، ويولفها بتناغم يوصلها إلى اللقب، أو المنافسة عليه، وكانت الأرجنتين تعاني في كل مباراة تلعبها، مهما كانت هوية الطرف الآخر. أعرف أن قدر النجوم الكبار، هو التعرض للأضواء، أكثر من غيرهم، لأنهم بكل بساطة أشخاص استثنائيين، ولكنهم قطعاً ليسوا أبطالاً من ورق.