لأننا أمة تهوى ترديد الشعارات، كانت كل التصريحات العربية قبل المونديال مفعمة بالتفاؤل، وكأننا بصدد المشاركة في بطولة عربية أو قارية، فالكابتن نبيل معلول يعد جماهير الكرة التونسية بالوصول إلى ربع النهائي، ونجوم المنتخب السعودي يؤكدون أنهم خاضوا معسكراً إعدادياً مثالياً، يمنحهم الحق بمواصلة مشوار النجاح في المونديال حتى أبعد نقطة ممكنة، بينما ذهب نجوم منتخب مصر إلى أن العودة إلى أجواء المونديال بعد 28 عاماً من الغياب تؤهلهم إلى الذهاب بعيداً في المونديال، ولمَ لا، أليس بيننا «مو صلاح» هدّاف وأحسن لاعب في أقوى دوري في العالم؟. ولم يكن نجوم المنتخب المغربي أقل تفاؤلاً، بعد أن أبهروا الجميع في التصفيات، وكانوا أكثر فريق عربي، من بين المنتخبات المتأهلة إقناعاً، ألم يكن من بين ضحاياهم أفيال كوت ديفوار؟ ولو كان النجوم والمسؤولون العرب يدركون أن هناك من سيحاسبهم على تصريحاتهم في نهاية المهمة، ما اندفعوا وبالغوا وباعوا الوهم لجماهيرهم قبل البطولة، فالمسافة لا تزال شاسعة بيننا والآخرين، وأن تكسب في منافسة قارية لا يعني أنك أصبحت قادراً على مقارعة الكبار، وما الفرحة العارمة التي اجتاحت أوساط المنتخب التونسي بالفوز على بنما أضعف فريق بالبطولة، إلا ترجمة حقيقية لهذا الواقع، خاصة لو تذكرنا فوز تونس في أول ظهور له في تاريخ المونديال على المكسيك بثلاثية تحت قيادة طيب الذكر عبد المجيد الشتالي قبل 40 عاماً بالتمام والكمال، وكذلك فرحة المنتخب السعودي بالفوز على شقيقه المصري بعد خسارة قاسية من روسيا، وخسارة محبطة أمام أوروجواي، أما منتخب «الفراعنة» فلم يخرج من البطولة، سوى بهدفي صلاح، وإنجاز الحضري وبمشاكل لا حصر لها. ولا خلاف على أن المنتخب المغربي هو الوحيد، من أبناء جلدتنا، الذي حقق هدف «التمثيل المشرف»، ولولا الهدف العكسي الذي استقبلته شباكه في الدقيقة الأخيرة لمباراة إيران، ولو احتفظ بتفوقه على الإسبان حتى النهاية، لكان الآن بين كبار الدور الثاني. ويبقى السؤال: كيف ينظر مسؤولو المنتخبات العربية للحصاد النهائي للمشاركة «فوزان من 12 مباراة، من بينهما فوز عربي على عربي». بحسابات المنطق والواقع، لا يزال بيننا والآخرين عدة سنوات ضوئية، وبحسابات التصريحات الوردية التي سبقت البطولة، فإن العرب سقطوا في امتحان المونديال، ولم ينجح منهم بدرجة مقبول، سوى المنتخب المغربي. ××× لا سبيل أمام الكرة العربية سوى استثمار سلبيات المشاركة المونديالية، بالبدء فوراً في تطبيق الاحتراف الحقيقي، داخلياً وخارجياً، مع وضع سقف للرواتب الجنونية للاعبين، لأنه لا يوجد لاعب محلي حالياً يستحق أكثر من 500 ألف دولار، على أقصى تقدير!