يجيء قرار مجلس الوزراء الموقر بتشكيل مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، امتداداً لمبادرات إماراتية مميزة، وجهداً نوعياً أكثر تميزاً من أجل إبراز قيم الوسطية والاعتدال واحترام الإنسان والاختلاف التي جاء بها الدين الإسلامي الحنيف والرسالة المحمدية العظيمة. المجلس الجديد يضم كوكبة من علماء الأمة من داخل الدولة وخارجها، المشهود لهم بالكفاءة والصوت المعتدل الرصين، وعلى رأسهم العلامة الشيخ عبدالله بن الشيخ محفوظ بن بيه، وهو من هو في عالم الفكر والاجتهاد والفقه والإفتاء والفلسفة وعلم الأديان، ما سيسهم في إثراء ساحة الفكر ومناهج الإفتاء، ويمثل إضافة نوعية لجهد الخيرين في عصرنا الراهن. يمثل مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، محطة مضيئة للجهد الإماراتي المتميز الذي سيضع علامة فارقة بعمق دوره وأدائه على طريق جهد تشارك فيه المجمعات الدينية والمجاميع الفكرية النيرة التي تتصدى لدعاة الفتنة والتضليل الذين غذوا الغلو والتطرف، واتخذت التنظيمات الإرهابية المتطرفة من فتاواهم وطروحاتهم مادة تقتات عليها، وأسانيد باطلة وفرت لهم الأرضية «الشرعية» لاختطاف ديننا الإسلامي السمح. الإرهاب وباء العصر، والتطرف جرثومة الزمن الذي نعيش، عثرا على ضالتهما في دعاة الفتن الذي اتخذوا من منابر الخطابة والإفتاء منصات لنفث سمومهم، وتسببوا في ما نشهده اليوم- وبالأخص في منطقتنا العربية والمجتمعات المسلمة - من تناحر وصراعات مذهبية وطائفية، وجعلوا من شباب الأمة وقوداً لتنفيذ مآربهم وأجنداتهم المشبوهة لخدمة مصالحهم الدنيئة. جاء الإسلام نورانياً على يد المبعوث للناس رحمة، المتمم لمكارم الأخلاق، يجل العلم والعلماء ويحترم الفكر والاختلاف والاجتهاد، ويشجع البشر على التبصر والتفكر والتدبر والتعايش، فإذا بهؤلاء يجعلون منه ديناً للقتل وسفك دماء الأبرياء والانقلاب على ولاة الأمر وتدمير الممتلكات، وتقويض استقرار المجتمعات، وتشريد الشعوب. لقد كانت الإمارات سباقة في مبادراتها التنويرية والاستباقية والوقائية بعد أن أدركت مبكراً خطورة تمدد الفكر المنحرف والشاذ لدعاة الفتن والخراب، فتبنت مبادرات عدة لتحصين المجتمع، وبالأخص الشباب الغر من سموم هؤلاء الذين كانوا يستهدفون النشء، من أجل أن ينخروا في اللحمة الوطنية المتينة لمجتمع الإمارات، وما عرُف عنه من فطرة سليمة ووسطية واعتدال وتسامح وتعايش وقبول بالآخر. مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، إضافة نوعية إماراتية لتوحيد جهود الخيرين في العالم لمحاصرة قوى الشر والتطرف ومزاعمهم الباطلة، وإعلاء صوت الحق والاعتدال وقيم الإسلام الأصيل، دين السلام والتسامح.