يتباهى الإنجليز دائماً بأنهم هم مهد كرة القدم، وبغض النظر عما يقال إن الصينيين كانوا أول من مارس اللعبة، إلا أنه يحسب للإنجليز أنهم الذين قاموا بوضع قواعد ممارستها، وكان الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أول اتحاد في تاريخ اللعبة، كما أن كأس الاتحاد الإنجليزي هي البطولة الأقدم، وللإنجليز فضل كبير في الشعبية الكبيرة التي اكتسبتها اللعبة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا. أقدمية الإنجليز وأسبقيتهم في ممارسة اللعبة، لا تعني بكل تأكيد تفوقهم فيها، فقد علموها للآخرين ونقلوها إلى العديد من دول العالم، وحدث أن تفوق التلاميذ على الأستاذ، فعندما نذكر القوى التقليدية في كرة القدم لا يمكن أن نضع المنتخب الإنجليزي الذي لم يحقق كأس العالم سوى مرة واحدة قبل 52 عاماً، في نفس الكفة مع منتخبات، أمثال البرازيل وإيطاليا وألمانيا والأرجنتين. وعلى الرغم من الشح الكبير في الألقاب بالنسبة للمنتخب الإنجليزي إلا أنه قبل أي بطولة كبرى يتم إعلامياً تداول اسم هذا المنتخب كأحد المرشحين للمنافسة على اللقب، يحدث هذا في كأس العالم، وكذلك في كأس أوروبا التي لم تبتسم يوماً للمنتخب الإنجليزي، وفي كل مرة تكون المحصلة مخيبة للآمال، ومنافية تماماً لتلك الترشيحات المسبقة. في كأس العالم الحالية المقامة في روسيا، دخل المنتخب الإنجليزي إلى البطولة بهدوء شديد، وكعادة وسائل الإعلام لم تترك الفرصة لوصول المنتخب الإنجليزي إلى روسيا دون التندر عليه، حيث انتشر كاريكاتير لوصول الإنجليز وقائد الفريق يطلب من كابتن الطائرة عدم إطفاء المحرك، إشارة إلى أنهم لن يمكثوا طويلاً في الأراضي الروسية. ولكن هذه المرة يدخل حاملو شعار «الأسود الثلاثة» إلى البطولة بشكل مختلف، حيث يضم الفريق مجموعة متميزة من الموهوبين الذين يمتلكون الإمكانيات والطموحات والدوافع لتغيير الفكرة السائدة عن الكرة الإنجليزية، وعلى الرغم من الأسماء الرنانة التي يضمها الفريق، والتي تتألق في الدوري الأقوى عالمياً، إلا أن الصحافة والمحللين الإنجليز مصرّون على أن الفريق ليس مرشحاً للمنافسة على اللقب، عطفاً على حداثة أعمار بعض اللاعبين، والهدف الموضوع للمستقبل وليس للمونديال الحالي. ولكن لا يمكن استبعاد الفكرة تماماً، وبعد الظهور المبدئي للمنتخب الإنجليزي في البطولة، وعلى الرغم من عدم إمكانية الحكم على الفريق في أول مباراتين، نظراً لتواضع المنافسين، ولكن هناك شيئاً ما مختلفاً لدى الإنجليز هذه المرة، لذلك دعونا ننتظر ونرى.