عندما كتبت مقالتي التي حملت عنوان «آخر الخارجين»، والتي كنت أتحدث فيها عن المنتخب التونسي مباشرة، عقب خسارته الثقيلة والكبيرة أمام بلجيكا بالخمسة، هاتفني الصديق محمد البادع رئيس القسم الرياضي في «الاتحاد» قائلاً: إن تونس لم تخرج رسمياً بعد، وإن البعض قد يحاجج حول هذه النقطة تحديداً في مقالتي، وبالطبع هو محق فيما قاله، لأن حساب الورق «الرسمي» كان يقول إنه في حالة فوز بنما على إنجلترا، ومن ثم فوز تونس على بنما، وخسارة إنجلترا من بلجيكا قد يعني تأهل تونس. ولكن الواقع والمنطق يقول، إن هذه المعادلة مستحيلة، حتى في عصر المفاجآت والغرائب، فنحن لا نتحدث عن نتيجة مباراة واحدة، بل عن نتائج ثلاث مباريات نريدها حسب ميولنا وأمنياتنا، وجاء الخبر اليقين يوم الأحد، عندما لعبت إنجلترا مع بنما، فسجلت أعلى نتيجة في المونديال حتى الآن بـ«نصف درزن» من الأهداف، وسجلت أيضاً نتيجة تاريخية في سجلات من اخترعوا كرة القدم، بتسجيلهم خمسة أهداف في شوط واحد ضمن منافسات كؤوس العالم. بالطبع ما ذهب إليه الصديق محمد هو أمر مهني، وأنا معه فيه، وهو كان يريد تجنب أي جدل «قانوني» حول الخروج الرسمي من عدمه، ولكن ولنكن صريحين، فشخصية المنتخب المنافس وجدناها فقط في المنتخب المغربي، في مباراتيه اللتين خسرهما مع إيران والبرتغال، وبدرجة أقل في مباراة تونس وإنجلترا ومصر وأوروجواي، ولكن كل المنتخبات العربية الأربعة لم تظهر بشخصية المنتخبات القادرة على ترك البصمة، أو الذهاب بعيداً باستثناء المغرب الذي يفتقد لمن يحول فرصه إلى أهداف، فما الفائدة من خلق الفرص والهجوم والاستحواذ ثم تخرج خاسراً؟ صحيح أن الصورة تكون أقل سوداوية، من خلال أداء قتالي تحدث عنه الجميع، ولكن في النهاية كرة القدم أهداف وتاريخ وسجلات، ونحن ما زلنا نبحث عن منتخب عربي، يؤهلنا لما هو أبعد من الدور الثاني، علماً أننا نصرف على كرة القدم أضعافاً مضاعفة لما تصرفه بعض الدول التي وصلت إلى ربع النهائي ونصف النهائي، وأعتقد أنه يجب أن تكون هناك وقفة مصارحة حقيقية تشمل كل الدول العربية المتأهلة وغير المتأهلة تبحث في الأسباب الحقيقية وراء عدم تمكننا من صنع أجيال كروية تنافسية على الصعيد العالمي، وهل نحن فعلاً نمارس الاحتراف الحقيقي بكل تفاصيله، أم نمارس منه اسمه فقط؟