عندما جرى الإعلان عن تبني نظام الضريبة المضافة، والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام الجديد، تم التأكيد بأنها لن تمس جانبين مهمين وأساسيين في الخدمات المقدمة، وهما العلاج والتعليم، وجاءت هذه التأكيدات في أكثر من مناسبة لتعريف الرأي العام بالجوانب التي تشملها الضريبة بالنسبة لهذين القطاعين، وكذلك المؤسسات المعنية، وبلغة النظام الجديد، أصحاب السجل الضريبي. ولكن للأسف بعض مؤسسات التعليم، وبالذات الجامعات الخاصة كان لها موقف غريب، وهي تبالغ في أسعار الدراسة فيها بزعم الضريبة. بعض منافذ البيع الاستهلاكية كان لها مواقف مشرفة أفضل من مؤسسات التعليم العالي تلك، عندما أعلنت هذه المنافذ تحمل نسبة الضريبة عن المتعاملين معها، وسواء أكانت نسبة التحمل معقولة أو غير مرضية، ولكنها على الأقل لم تكن بمستوى جشع تجار التعليم الذين كشفوا عن أقنعتهم الحقيقية، وهم يتنصلون عن مسؤولياتهم المجتمعية. ندرك جميعاً أن هذه المؤسسات مشاريع تجارية في الأساس، ولكن هناك فرقاً بين الربحية وغير الربحية، وبين الذي يحمل رسالة لخدمة التعليم والمجتمع، وبين صاحب المشروع الربحي البحت. وإلا كيف نفسر قيام بعض جامعاتنا الخاصة رفع سعر المادة التي تدرس فيها لنحو أحد عشر ألف درهم في الفصل الواحد. أحد أولياء الأمور علق على ذلك بصورة ساخرة قائلًا «لو أن تلك المادة كانت تُدرس في هافارد، لما وصل السعر لهذا المبلغ». نقول لمثل هذه الجامعات أن تنظر إلى ما هو أبعد من مصالحها الضيقة، والتمعن في رؤية الدولة عندما فتحت المجال واسعاً لمؤسسات التعليم العالي الخاصة للمشاركة في توفيره للمواطنين والمقيمين باعتباره حقاً للجميع، ولجعل الإمارات نقطة جذب أكاديمي واستقطاب الجامعات العالمية لفتح فروع لها. لم تكن المبالغة في الأسعار مؤشراً على جودة التعليم، فاليوم هناك جامعات مرموقة في ألمانيا وبريطانيا وحتى الولايات المتحدة وكندا أقساط الدراسة فيها أقل من بعض مدارسنا الخاصة. كما أصبحت بلدان أخرى على خط اجتذاب طلاب التعليم العالي والدراسة فيها باللغة الإنجليزية مثل المجر وبولندا وشمال قبرص وأخيرا جورجيا. عندنا «تجار» التعليم العالي يريدون من الدولة كل التسهيلات والدعم، لتقديم تعليم في متناول الجميع، ولكنهم يقومون بعكس المطلوب بتنصلهم من مسؤولياتهم وسط غياب تام للدور الإشرافي لوزارة التربية والتعليم، والمسؤولين في التعليم العالي.