كلما عبرنا تلك النقطة في منطقة الكورنيش، كانت ولا تزال صورة الوالد المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تؤنسنا.. تحكي إلينا.. تبتسم لنا في دعوة وتفاؤل، حتى باتت مفردة من مفردات الحياة والصباح والمساء، وفي كل مرة نمر عليها، تتداعى إلى القلب والعقل الكثير من الحكايات والمواقف التي صنعت رجلاً خالداً، بقي وسط شعبه وفي ثنايا الروح حتى بعد أن رحل.. بقي حاضراً بمبادئه ومآثره التي صنعت وطناً استثنائياً، بات حديث الدنيا كلها، وبات كل إماراتي يفاخر بأنه من بلد عاش على أرضها زايد. أمس الأول، دشنت الإمارات صرح زايد، بالتزامن مع عامه الذي يواكب مرور مائة عام على ميلاده، ليكون هذا الصرح، بمثابة الضوء على غرسه الطيب، ورؤيته الفذة التي قاد بها الدولة إلى أعلى مكان، والأهم ليكون منارة للأجيال تسير على ضوئها، وتستلهم أفكارها من رؤيته التي لا تزال حاضرة بيننا، تقودنا إلى الغد، بالمبادئ ذاتها التي أقام عليها، رحمه الله، والمؤسسون، دعائم دولة الاتحاد الفتية. ليس شرطاً أن من يرحل يغادر، ولا من يمضي يسافر، فزايد باقٍ بالأثر.. حي بالخير.. يسكن الشريان ويسري في الدماء.. زايد الذي بسط في الأرض أركان السلام، وسبق الأمنيات، وسارت في ركابه الأحلام.. لا يزال بيننا نهراً للوفاء وللنماء يجري.. لا يزال فينا.. يسكن الصدور التي تحبه وتصر على أن يبقى. لن تجد تفاصيل قصة الوفاء الإماراتية في أي مكان آخر سوى هنا، وهذا سبب كافٍ للتفاؤل.. سبب جوهري للاطمئنان، فمن يقودون المسيرة بكل هذا الوفاء، حتماً سيرافقهم النماء.. من يحتفون بالرمز وبالقيمة وبالعطاء.. ستكافئهم الأيام حتماً، فهذا قدر الأوفياء. صرح زايد.. جاء تجسيداً لواقع يكبر يوماً بعد يوم، لأن له في كل قلب صرحاً.. وفي كل درب علامة.. فقد كان الحلم والتفسير، وكان نافذة الأمنيات المشرعة على مروج الأمل.. هو من آمن بالحلم حين كان أشبه بالمستحيل، وقاد الرفاق في رحلة الصعود، حيث لا نهاية للطريق، وبنى معهم أركان وطن العزة والفخر والإباء. هذا صرحنا.. تلك منارة قائدنا.. هذا الضوء الذي سنمضي إليه دوماً في رحلة الحياة.. هذا الأثر سيبقى لأن له حراساً.. لأنه الزاد في الطريق.. طريق العمل والمبادئ والقيم.. نحن بخير ما دمنا نتمسك بأحلى وأروع ما فينا، وليس أروع من زايد. كلمة أخيرة: الوفاء قيمة نادرة لا يعرفها إلا المخلصون.. وصروح المحبة تشيدها المواقف وتبقى في القلوب