عندما يصبح العقل البشري في مواجهة الرغبات المتعلقة والوجدان المهشم والعقائد المرتبكة، فإنه يدخل في غيبوبة، ويحتاج إلى عناية مركزة كي يصحو وقد لا يصحو، عندما تكون الأدواء فجة وفتاكة. حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن منظومة القيم، جاء في زمن تفككت فيه دول واضمحلت حضارات، وتوارت ثقافات، كل ذلك بفعل التدخل المباشر والبغيض للأنانية البشرية وللمفاهيم المغلوطة وللوعي المنضوي تحت سحابات داكنة جعلت منه مثل طائر هارب من وحشية الطبيعة، الآن نسمع عن حروب الديانات والحروب الطائفية والأثنية، كل ذلك أسقط مفهوم القيم الإنسانية، وأعلى من شأن الفكر الشوفيني والثقافات العدمية والعبثية، لهذا فإن حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد جاء في وقته، ولكي تنهض الحضارة البشرية فلابد من الخلاص، وكما قال اليسوع عليه السلام: «يجب أن تكونوا أطفالاً كي تدخلوا الجنة» هذه العبارة كفيلة بأن توقظ ذوي الأفكار الظلامية وتطرق في آذانهم أجراس الصحوة لأنه ما من حضارة تصمد وترتقي إلا إذا تخلصت من براثن الخوف من الآخر ورواسب الفكرة الأنانية. فالحضارات مثل الجسد لا تنمو إلا إذا توافرت جهود أعضاء الجسد كلها في التعاضد لتعطي الجسد قوته في مواجهة الأمراض والعلل، الحضارة الإسلامية نمت وتوسعت حدقتها عندما كان المسلمون يقفون كتفاً بكتف، ورسالتهم المساواة بين البشر جميعاً، ولكن عندما تحولت الدولة الإسلامية إلى طرائق قدداً، أصبحت الحضارة الإسلامية، مثل حبات القمح المنثورة في حقل شائك وفي يوم عاصف، الآن والدعوة عامة موجهة من رجل يعرف كيف تكون الأمة واسعة مثل المحيط، شامخة مثل الجبال، معطاءة مثل النخلة، عندما تتخلص من العقد والدونية، وعندما تنتصر للإنسانية جمعاء وتتحرر من جاهلية العقل، واللا عقلانية النفس.. ولا مستحيل في استدعاء المقومات الحضارية، ولا مستحيل في استعادة المجد الضارب لأن الرسالة غير قابلة لفقدان الصلاحية، المهم أن يتفق البشر على أن الحب وحده كفيل بأن يعيد مجرى النهر إلى الحقل.