صاحبنا المستند على اللغة «الأوردية»، والذي كان يراسل مجلاتها الفنية، قرر في يوم من أيام الصيف، وحين طرّ شاربه، أن يغامر ويذهب إلى بومبي، ولم يكن الهدف سياحة، بقدر ما كانت رغبته العارمة في رؤية الممثلين الذين يحبهم، ويعشق التصوير معهم، وقبل أن يذهب «تشرى» بنطالين «كاوبوي- جينز-»، وأحذية «أم بوز» طويل، وكعب عالي، وأحزمة جلدية عرض الواحد شبراً، وقمصان مزرَّرَة، وضبّط «الكشّه الخنافس» وغاب، بعد أن أعطاه كل شخص منا رسالة، وصورة شمسية، شغل «استوديوهات ساحل عُمان» أو «أستوديو بورسعيد»، يبدو فيها الواحد منا مبتسماً، ومتكلفاً أكثر من اللزوم، ليعطيها إلى ممثلة وسَمّيه المحبوب. حين عاد كنا نعتقد أنه سيرجع أبيض، وأنظف من الهند، لكنه كان أغبر و«أحَلَيّ»، فتعجبنا، وتعجبنا من حديثه السينمائي الذي لم يكن متطابقاً دائماً، وأكثر ما أدهشتنا الصور التي جلبها من بومبي مع هذا الممثل، وتلك الممثلة، وكلهم نعرفهم ونحبهم، كما حمل لنا صور ممثلينا وعليها تواقيعهم، وفي خلف الصورة مكتوب، مثلاً: «إلى ناصر مع التحية»، ففرحنا يومها، لكن ما أدهشنا حقاً صورة ربيعنا اللي نعرفه، و«مب ذاك الزود»، وهو متصور مع الممثلات الهنديات الجميلات، حلم أيام ما قبل النفط، فحسدناه من خواطرنا، وبتنا نركّب القصص المتخيلة، فيظهر فجأة أمام أعيننا في الخيال، لكنه لا يشبه الأبطال الهنود، أكثر شيء يمكن أن يسند له المخرج، دور حرامي أو واحد من رجال العصابة الذين «ينضربون» كثيراً من بطل الفيلم، تمنيناه في خواطرنا، لو كان كاذباً هذه المرة، ولا قد حظي بصورة مع «راكي» أو «ريكا». وذات يوم مر بنا أحد الشواب الذين كانوا يذهبون إلى الهند بسفن خشبية، وسمعه يهلّ ما في رأسه فقال: «لا تسمعون خريط ولد سالمين، لو سار بومبي، جان رد يصلق، ومغزز، مب.. راد أملح، تقول ما فارق أمه شويخ، اسألوه جان يعرف «فارس رود» وإلا «محمد علي رود»، وإلا «بندرا» وإلا «كولابا». في الصيف الثاني ترافقنا معه، وقررنا الذهاب إلى بومبي، والتصوير مع الممثلين، فقضينا صيفاً جميلاً وممتعاً، لكننا اكتشفنا أن صاحبنا لا يعرف من بومبي شيئاً، وصيفه الماضي ما سار فيه أبعد من الباطنة، وقضاه كله في استوديو مصور فاتح جديد، كانت مهمته الأساسية، تركيب صورة «ولد شويخ» مع الممثلين والممثلات الهنود، فبان خريطه، وظهر كذبه، خاصة عن الممثلات الجميلات حلم الأيام الممطرة، والتقلب على الحشيش الأخضر، مثل الأفلام، و«اللي ما خلّى وحدة.. ما لوى عليها، ولا وحدة.. ما حبّها»!