قبل أيام كنت في ميناء خليفة لحضور مناسبة استضافتها المنشأة التي افتتحت مؤخراً، وتعد درة من درر إنجازات مسيرة الخير، وتحمل اسم خليفة الخير.
وقبيل انطلاق الحفل، توقفت أمامنا سيارة «روز رولز» ترجل منها رجل أعمال آسيوي معروف، قبل أن ينضم إلى الحضور. وقد سنحت لي الفرصة للحديث معه خلال الحفل، وكان محور الحديث لقاء صحفياً عن قصة حياته نشرته صحيفة محلية تصدر باللغة الإنجليزية، وتناول فيه بداياته المتواضعة لدى قدومه إلى أبوظبي عندما كان مندوباً للمبيعات الدوائية والصيدلانية. وتضمن اللقاء الصحفي صورة له مع أول سيارة خاصة اشتراها، وكانت عبارة عن “داستون120-واي”، يتذكرها جيل السبعينيات جيداً.
“بي آر شيتي” الذي كرمته “جائزة أبوظبي” في إحدى دوراتها لإسهاماته في قطاع الطب الخاص والصناعات الدوائية، تحدث بحب وامتنان ووفاء عن الأرض التي أكرمته وصنع فيها مجده، وهو يتربع اليوم على سلسلة من المستشفيات الخاصة ومصنع للأدوية في المنطقة الصناعية بالمصفح.
وخلال توزيع جوائز مؤتمر الصحة العربي الذي اختتم فعالياته في دبي الأسبوع الفائت، جرى تكريم طبيبة آسيوية في الثالثة والسبعين من عمرها، قدمت إلى البلاد في ستينيات القرن الماضي، وكانت أول طبيبة توليد تصل إليها في ذلك الزمان البعيد الذي كان يشهد أحد أعلى معدل وفيات المرأة عند الولادة، وكذلك وفيات الرضع. واليوم لا تزال الدكتورة زليخة داوود تواصل عملها في المهنة ذاتها، ولكن بوصفها صاحبة مجموعة من المستشفيات الخاصة المنتشرة في عدد من مدن الدولة.
وقبل أيام أيضاً، تابعت صدور كتاب السيرة الذاتية لرجل الأعمال الإماراتي المعروف خلف بن أحمد الحبتور الذي تناول بداياته البسيطة التي غدت اليوم مجموعة يشار إليها بالبنان في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، وبالذات في مجال المقاولات والصناعة الفندقية والاستثمارات الدولية.
يتوقف المرء أمام هذه النماذج وقصص النجاح التي تحملها، وهي تنطلق من أوقات صعبة وبدايات بسيطة متواضعة، فقد كانت ضرباً من المستحيل ونوعاً من أحلام اليقظة، وبالذات مع صعوبات الحياة والمعيشة المعروفة لكل من عايشها في تلك الأوقات. وكل هذه القصص تتجمع حول عناصر الطموح والإرادة والتحدي، مضافاً إليها الحظ الذي خدم أبطال هذه القصص النموذج، بهذه الصورة أو تلك.
ويتوقف كذلك أمام غياب مثل هذه النماذج عند أجيال اليوم، مع التساؤلات التي تُطرح، هل المسألة تتعلق بغياب الطموح، والارتهان للوظيفة العامة، حتى بين شباب العائلات المعروفة تقليدياً بالاشتغال بالتجارة؟ غياب ملحوظ للنموذج رغم ما أصبحت عليه ممارسة الأعمال من سهولة بخلاف تلك الأيام الغابرة، التي لم تكن فيها صناديق دعم المشاريع الموجودة حالياً، ولا التسهيلات والحوافز المقدمة اليوم من قبل الدولة لتشجيع الشباب وكل الراغبين في اقتحام ميادين العمل الخاص. هناك من يعتبر تطور البناء الإداري في المؤسسات العامة، وما حمل من تعقيدات اللوائح الإدارية وما حملت من معايير واشتراطات، في مقدمة أسباب “تطفيش” المقدمين على بدء مشروعاتهم الخاصة. ألا تستحق مثل هذه القصص وقفات تأمل لاستخلاص العبر والدروس منها، ولتحفيز الطموحين الراغبين في بدء أعمالهم ومشاريعهم الخاصة بنجاح وتفوق.


ali.alamodi@admedia.ae