- من أصعب الأمور على الإنسان أن يمضي نهاره، ولا أحد يقول له: صباح الخير. - ما ضره لو قالها ذاك المستعجل على الندامة في ذلك الصباح الذي يوحّد وجه ربه. - ما ضرها لو قالتها تلك المتعالية على جدران بيتها الذي تضحك له أبواب البيوت كجار، وهو لا يعرف أن له جيراناً، ولهم واجب التحية، وقول: صباح الخير من الخاطر. - ماذا سيخسر ذاناك التاجران اللذان يتجاوران منذ أمد بعيد، لو قالها أحدهما للآخر، لكانت ربحت تجارة هذا، ولا خسرت تجارة ذاك؟ - لما لا نقولها لكرسي الحديقة الصديق في أوقات الصحو، واليوم أصبح وحيداً في هذا الشتاء الرمادي، فلا تلميذات عجلات يسترحن قليلاً، ويهمسن له بثرثراتهن التي لا تتوقف، وضحكات تفتح البرعم نحو الحياة، يستودعنها إياه قبل أن يتقافزن نحو براءتهن، ولا ذاك العجوز الذي اعتاد المشي خطوتين والتوقف لحظتين، يكاد أن يخرج من جانب مدفأته، ولا تلك الأرملة صديقة الكتاب، والأوقات المشمسة، تطل في هذا الصباح القاسي على العظام، لتقول، ولو همساً: صباح الخير. - ألا يستحق «الغالين» الساكنين بعيداً صباحاً من شوق وعطر منتقى، صباحاً ولو حملته فيروز بصوتها الفجري الدافئ من هنا إلى هناك. - صباح للخال درويش ذلك الذي هرم في كشك الصحف والكتب، ومن مراقبة المارة في مدينته التي يحرسها من الغرباء بعد صلاة الفجر وحتى الهزيع الأول من الليل، صباح يليق بالرجل هذا الذي يبيع بالبركة، و«توكل على الله». - صباح ولو انتزعناه من صدورنا، لنطرح ولو من بعيد على كل خصوم الحياة، والمتعاركين على صغائر الدنيا، والمتهالكين عليها، صباح ليته يوقظ فيهم معاني الحب نحو أشياء تستحق. - لما لا نتذكر تحية الصباح في عجلة اليوم؟ لما نحرم منها من هو جدير بها، أناسنا «الغالين»، أشياؤنا التي تصبّح علينا، ولا ندري، تفاصيل في حياتنا ننساها من حجم صغرها، هناك الكثير ممن يجب أن نقول له: صباح الخير في هذه الحياة. - وحدها تلك المخلصة من تقول: صباح الخير لذلك البرواز الساكن الجدار، والذي يخص رجلاً ودّع الحياة بشرف، تاركاً كل الأشياء في الحياة وراءه تتصدع، وتاركاً للمرأة عطر رجل من الصعب أن ينسى هكذا. - وحده بائع الورد المخلص لمحله العتيق، يسقي بتلات الزهور بحب، ويرش الورود بالندى، ويصبّح على الجميع بعينيه، وبألوان ورود حانوته العتيق.