نعم، نحن بحاجة إلى أفكار جديدة ومعارف جديدة، بعد أن شاخ الفكر العربي ووقع تحت سنابك خيل العبثيين، الأمر الذي يجعل من الدور عظيماً، والانطلاقة واسعة، تجاه تحديات أصبحت مثل ركام البراكين لا تبقي ولا تذر، في «حوار الشرق الأوسط» الذي بارك إطلاقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يؤكد سموه أن العالم العربي يحتاج إلى أفكار جديدة وإيجابية لمواجهة التحديات، وهكذا هو المنطق العلمي يقول إن الأفكار المسبقة مفسدة للعقل، وإن الكائنات تموت عندما لا تحرك أقدامها باتجاه مجرى الأنهار، وعندما تعجز عن قطف الثمرات في أعالي الأغصان. الإنسان العربي جرّب أفكاراً ونظريات، بعضها بائسة وجامدة، وبعضها عجز عن أن يتلمس تفاصيلها فغاب منه المضمون، إذاً لا بد من التجريب، ولا بد من الخروج من مأزق العقل الصدئ، وتحليل المجريات عبر منطق عمل وعقل خالص لا يخضع لأنواء العواطف الجياشة ولا يثني الرقبة عند موروثات غاب عنها الوعي، وأصبحت مجرد حفريات، أو صوراً باهتة تعبر فقط عن «كان يا ما كان». ما يحدث في الوطن العربي نتيجة لغياب المبادرة الصادقة والمثابرة لتخطي العوائق التي أدت إلى عواقب. ما يحدث حرب كونية على بقعة صغيرة.. من العالم يراد تقاسمها تحت وضح النهار وبمرجعيات وأجندات لا تخدم إلا قوى الشر التي باتت إمبراطورية نارية عملاقة حطبها أجساد البشر. المشكلة التي يعانيها العرب، هي هروبهم إلى الخلف، والاقتناع بالعجز أمام التطورات والإفلاس في الإرادة التي هي المنبع والمصب لأي جهد إنساني. ففي الوطن العربي طاقات هائلة مهدورة، مثل ماء الوديان في شعاب الصحراء، والطاقات التي صنعت حضارة أدهشت العالم موجودة، ولكنها كامنة تحت ركام من عقد النقص والإحساس المزري بالعجز والنكوص إلى مراحل ما قبل التاريخ، ما يحصل يحتاج فقط إلى تحفيز العقل وانتشاله من براثن الخوف من المستقبل، ورجفة الموقف الراهن. وعندما نلتفت إلى الوراء لا يمكن أن نقتنع بأن العرب ليس لديهم ما يقدمونه، وإنما ما ينقصنا هو الإقدام دون الإحجام، والسير بخطى واثقة بما لدينا من قدرات دفنتها رياح وعواصف اجتماعية وثقافية، ولن نقول استعمارية لأن الاستعمار ضرب اليابان والصين، وغيرهما من بلدان عانت، لكنها من رحم المعاناة أنتجت تقدمها، واكتشفت ذاتها، وبقوة الإرادة يصنع الإنسان مجده، كما قال نيتشة، وكذلك شوبتهور، فيلسوفا الإرادة والأسلوب العظيم.. إذاً نحن نحتاج إلى العزيمة التي نكسر بها أسنان ضواري الخوف، وسوف نحن المرتجى لا محالة، المهم أن نخرج من هذا القمقم الرهيب.