كنت في الصغر لا أحب القول: «إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى»، ولا أعرف السبب، كما لا أعرف معناه الصحيح، حتى كبرت وفهمت، واليوم الدراسات الطبية تشير إلى أن منطقة الخليج والإمارات بالذات، فيها علل العصر وأولها السمنة التي تدق ناقوس الخطر والحيطة، فما يتعلق بها من عادات وأمراض وهموم صحية، وما يتبعها من أمراض العصر الحديث كثيرة، حيث الأكل في زيادة والحركة في نقصان، خاصة حين نعلم أن بعد الغداء، عشاء، وبعد كل وجبة هناك نومة تطول أو تقصر، حتى غدت الدراسات مخيفة ومزعجة بشأن بعض العادات اليومية التي نمارسها، ولا نقدر أن نغيرها للأفضل صحياً، وللأفضل إنتاجياً. وبذلك انتقلت السمنة وما يصاحبها من ممارسات، وما يساعدها على الانتشار من الآباء والأمهات إلى الأولاد الصغار، حتى غدا الجيل الجديد منهم وكأنهم مشاريع لمصارعي السومو، الواحد منهم هذا رفعه، وما يدخل من الباب الوسيع. إن مرجع تلك الحالة التي وصلنا إليها في الإمارات، كثرة مطاعم «الجانك فود» وتعويد أولادنا التردد عليها، وعدم محاسبتهم أو نصحهم أن لا يخلطوا العجين بالعجين، ولا يمزروا بطونهم من المشروبات الغازية الضارة قبل وأثناء وبعد الأكل بحجة التهضيم، دون أن يدركوا أن علبة شراب غازي واحدة تعادل وجبة أسد. لقد عجزت بعض بيوتنا أن تعجن أو تطبخ لأولاها أكلاً مفيداً، وصحياً، وخالياً من المواد الحافظة والملونة والمثبتة، وخالياً من الدهون والكوليسترول والدهون المشبعة، وتقديمه بانتظام وبمقادير مدروسة، الأم اليوم تفرح يوم يدحب ولدها بطنه، وتبقى تغره، وتحلف عليه لين يمتزر، ويصبح كبر اليراب. لقد ترتب على هذه العادات الاجتماعية المغلوطة مثل: يوم تطبخون اعملوا حساب الخطّار اللي يمكن يلفونكم من بعيد أو يمكن أحد يدق بابكم محتاج، وإلا منقطعة به السبل، دائماً الأكل الذي يكفي أربعة أشخاص، نعمله لكفاية ثمانية أشخاص، وبالتالي إما تروح هذه الزيادة في بطون أولادنا، ويربون بها شحوماً ولحوماً وأمراضاً مستقبلية، وإما تروح إلى كدّافات البلدية و«دراماتها»، لدينا استهلاك مبالغ فيه، و«جناز» في هالأجسام دون حركة تسمح بحرق جزء مما «ننطعز» من هالأكل، فتبدأ تتسلل إلى أجسادنا علل لم نكن نعرفها ولا ندري عنها. وليتنا تمثلنا بقول الشاعر العربي: وما العيش إلا شبعة وتشرق وتمر كأخفاف الرباع وماءُ أو قول الشاعر: حسب الفتى من عيشه زاد يبلغه المحلا خبز وماء بارد والظل حين يريد ظلا