هل فكَّرَ القائمون على قناة «المنار»، ماذا تعني كلمة المَنار أصلاً؟! لعلهم لم يلاحظوا أنها ضلت بهم الطريق، وأنهم أضلوها أيضاً. فرغم أن المنار كان على الدوام مصدراً للنور والهداية، في البحر والبر، فإن هذه القناة مارست التضليل الإعلامي وقلبت الحقائق.. لذلك تراءى لها من بعيد اللقاء بين صاحب السمو أمير الكويت والرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتعده بخمس دقائق! ألم تفعل ذلك لأمر همَّ أولياء أمرها المبلسين في طهران؟ وكيف غابت عن رؤيتها الضيقة أكداس القمامة المجاورة لقناة ميليشيا «حزب اللَّه»؟
كان الأنفع لهذه القناة أن تنشغل بموضوع القمامة المتراكمة حولها، وتدويرها والاستفادة منها، بدل الانشغال بأمور فوق مستواها، وبطريقة لا تخدم مصلحة لبنان، أي التطاول والادعاء على أمير دولة الكويت، الرمز الوطني المجمع عليه. ما أثار حنق هذه القناة وأغضب طهران، هو قيام أمير الكويت بحث الشركات الأميركية على مطالبة الرئيس ترامب بإنهاء ملف سوريا مقابل مشاركتها في أعمال إعادة الإعمار هناك.
ومقابل تلك الإساءة لرمز كبير، نرى كيف انتفضت «المنار» على رسم كاريكاتيري لحسن «نصر اللات»، وكيف ثارت ضد تطاول لفظي لوزير خارجية لبنان على نبيه بري في جلسة خاصة!
ميليشيا «حزب اللات» بقناتها الظلامية، لن تستطيع ابتزاز الكويت وقد خبرتها في أبريل 1988 باختطاف «الجابرية»، حيث قاومت الكويت ذلك الابتزاز وهي تضحي بشابين كويتيين قتلهما الإرهابيون، وانتصرت الكويت في النهاية.
هذا التطاول والادعاء أثارا غضب الشعب الكويتي، فطالب حكومته بإجراءات شديدة تجاه قناة ميليشيا «حزب الله» المصنف كويتياً كحزب إرهابي. فيما أصدرت وزارة الإعلام الكويتية بياناً استنكرت فيه، واستهجنت بشدة تطاول «المنار» وادعاءاتها الكاذبة حول لقاء الأمير والرئيس الأميركي مؤخراً، لكن ذلك التضليل لم ينل من العلاقات الأخوية والتاريخية بين لبنان والكويت.
ومن جهته، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري، رفضه أي تطاول على دولة الكويت وأميرها، في إشارة إلى ما قاله الصحفي سالم زهران على «المنار»، وأكّد الحريري خلال لقائه سفير الكويت في لبنان، أنه يكن كل احترام وتقدير لأمير الكويت الذي «نحفظ له في قلوبنا مكانة خاصة، لما له من تاريخ مشرِّف في الوقوف إلى جانب اللبنانيين في السراء والضراء»، معتبراً أن «ما حصل على إحدى الشاشات أمس هو كلام خارج المناخ الوطني اللبناني المجمِع على أفضل العلاقات مع الكويت وسائر الإخوة العرب».
ولما تكنه دولة الإمارات وشعبها من احترام ومحبة لأمير الكويت، فقد أكد معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن أمير الكويت رمز خليجي، رسمي وشعبي، وهو الذي تميّز بمواقفه، وأن التطاول على شخصه من قبل قناة «حزب الله» يؤكد ضرورة التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس، وأنه آن الأوان لوضع حدّ لهذه التجاوزات ضد الخليج وقادته من قلّة تغلّب مصلحة طهران على مصلحة بيروت.
وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، من جانبه قال: «لا ننسى الدور التاريخي لأمير الكويت في مساعدة لبنان»، وأضاف أن «التعرّض له برواية غير موثّقة هو تعرّض لكل اللبنانيين الذين ليس لديهم إلا التقدير الكبير له». وفي لبنان نفسه، سلّطت وسائل الإعلام المحلية الضوء على حملة التضامن مع الكويت.
كما أعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الدكتور عبد اللطيف الزياني، عن استنكاره الشديد لتطاول «المنار» على الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وعّم غضب شعبي وحكومي بقية دول الخليج العربي ضد هذا التطاول.
وفي هذا السياق أُنهي حديثي بقول الإمام الشافعي، عند تعرضه للأذى من مناوئيه:
إذا سبّني نَذل تزايدتُ رفعةً.. وما العيب إلا أن أكون مساببهْ
ولو لم تكن نفسي عليَّ عزيزةً.. لمكّنتها من كل نذلٍ تحاربه