«عندما يسقط الإنسان فليسقطْ»، قال ذلك بطل رواية «دون كيخوته»، وليسقط سياسيون غربيون سقطوا في إدراك ما يجري في العالم. المجلة الأكاديمية «روسيا في السياسة العالمية» عرضت تقريراً في 10 آلاف كلمة بالروسية والإنجليزية تضمّن آراء نخبة من علماء السياسة، معظمهم غربيون يراجعون حقيقة ما يجري، وفيما يلي سطور منها: «يوهان غالتونغ» عالم الرياضيات والفلسفة الاجتماعية في «النرويج» قال: «في القرنين الماضيين تمحوّر التفكير الاجتماعي حول الأفكار السائدة عن الصراع بين الخاص والعام، بين السوق والتخطيط. هذا الصدام حدّدَ تميّز اليمينيين عن اليساريين. إلاّ أن هذا النزاع تم حلّه لاحقاً، وفقد أهميته، سوية مع القوى السياسية التي غذّته. وظهرت اتجاهات جديدة قائمة على ركائز متطلبات أساسية لحاجات البشر والطبيعة، ومسائل التنوع، والتكافل الحيوي. هذه المسائل لم يتم إدراكها بعد، لكنها بالذات قد تحدد اليمينيين الجدد عن اليساريين الجدد».
«هانز ماول» أستاذ علوم السياسة في مركز «العلم والسياسة» في برلين، يرى «إذا كان النظام الليبرالي العالمي لا يزال حياً فوضعه حرج، وأكثر من مَكّن ذلك رئيس الولايات المتحدة، الذي يُفترضُ أن يكون حاميه الرئيس. وهذه ليست مصادفة، فانتخابه يبدو انعكاساً لمشاكل عميقة في الديمقراطية الأميركية، كذلك جهوده لتدمير أسس ديمقراطية وليبرالية النظام الدولي. وأهم آفاق العملية ليس نهوض الباقين، بل صعود كثير من قوى لا متماثلة في العلاقات الدولية، ولا يتم تداول السلطة بل بالأحرى تتهشم، وعدد أكثر من الفاعلين يمكنهم التأثير على مسيرة التاريخ، إنما بدرجة أقل».
«برونو ماسايش» وزير الدولة البرتغالي للشؤون الأوروبية قال: «الأوروبيون توقفوا بعد عام 1815، الذي شهد الثورة والثورة المضادة عن النظر إلى سماء الثورة المرصع بالنجوم وتحولوا بأنظارهم نحو العالم الواقعي، وتحولت أوروبا إلى فكرة قائمة على واقع مادي، وضرورة عمل شيء حول ذلك استجابة للتحديات وحل المشاكل. وشيء مماثل يحدث الآن في الولايات المتحدة، والمفكرون الأميركيون تخلّوا عن الوهم حول قيم الغرب ويبحثون الآن عن شيء أقل مثالية».
و«كريستوفر كوكر» أستاذ العلاقات الدولية في «معهد لندن للاقتصاد والعلوم السياسية» يذكر:«الخطابية الحضارية متوجهة نحو تقليل جاذبية الأفكار الغربية، وما يزال معقداً معرفة كيف غيّرت المفاهيم الحضارية تفكير الناس. فالحضارات تعود، لكن خبراء الغرب لا يتحدثون الآن عن صدام الحضارات، بل تحديد مفهوم سياسة التيار العام».
وينفي «سمير ساران» نائب رئيس مركز دراسات «أوبزرفر» في «دلهي»، أن يكون العالم في فوضى «بل يعاني من مرحلة انتقالية. فبعد فترة بضعة قرون يختلط الثراء والسلطة مرة أخرى في الجنوب والشرق، وتمر بعض أشكال ومؤسسات النظام العالمي بفترة مراجعة جدية لفاعليتها. وجلبت العولمة على امتداد سبعين عاماً ثروات هائلة لبلدان الأطلسي، لكن أتيح لشعوب آسيا خلال ثلاثين عاماً الأخيرة الحصول على حصة أكبر كثيراً من النمو العالمي، وترتب على ذلك تقلص الطبقة المتوسطة، على الرغم من أن النخب تحاول استعادة وسائل الحفاظ على وضعها المتميز الخاص في المسائل الدولية. وطالما لا تملك دولة واحدة قوة كافية لفرض إرادتها على الآخرين، نتيجة انسحاق القوى الجيوسياسية، تدور منافسة متعددة المستويات، تستخدم تحالفات وقتية، ومواقف محورية».
و«خوان تسين»، أستاذ اللغة والثقافة في جامعة بكين، يتناول موجات التحديث الثلاث منذ الثورة الصناعية قبل 250 عاماً، والتي غيّرت حياة 40 مليون إنسان، والموجة الثانية شملت مطلع القرن الماضي الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا واليابان، وغيّرت حياة 400 مليون إنسان، والموجة الحالية، تشمل الصين والهند وبلدان شرق آسيا وتُغيّر حياة 4 مليارات إنسان، وإذا اتّبعوا طريقة نمو الموجتين السابقتين فالعالم محكوم عليه بالهلاك».