يحظى موضوع الذكاء الاصطناعي بأهمية متزايدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك من منطلق حرص القيادة الرشيدة على تحقيق الريادة في كل المجالات التنموية والاستفادة من كل الإمكانات والفرص التي أتاحتها الثورة الصناعية الرابعة في النهضة التي تشهدها الدولة، والتي تهدف بالأساس إلى ضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة. وترى الإمارات أن المستقبل بالفعل سيكون للذكاء الاصطناعي، وذلك لأسباب مختلفة من أهمها: أولاً، تعدد استخداماته، حيث يدخل في كل المجالات الصناعية والعسكرية والتعليمية والخدمية والتقنية والطبية، ويساهم بشكل كبير في تحسين ورفع مستوى الخدمات بفاعلية في مجال الصحة، وذلك لقدرته على مساعدة الكادر الطبي في تشخيص وعلاج الأمراض ووصف الأدوية وإجراء الجراحات، كما يمكن للمرضى من خلاله حجز المواعيد أو التعليم أو غيرها من القطاعات التي سيكون للذكاء الاصطناعي قول حاسم فيها في المستقبل، كما سيخدم في قطاعات مهمة أخرى مثل النقل من خلال الطائرات من دون طيار والسيارات الذاتية الحركة والمترو وجميع وسائل النقل البرية والبحرية المختلفة. ثانياً، تأثيراته الإيجابية في معدلات النمو، حيث يساهم في تحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية والإنسانية. وثالثاً، يقلل من تكلفة الإنتاج ومن ثم يرشِّد الاستهلاك وعمليات الإنفاق. ورابعاً، يختصر الوقت، وكذلك المسافات، حيث يؤمن خدمات ووسائل اتصال ونقل تتميز بكفاءة عالية وتكلفة أقل. وقد أدركت الإمارات منذ وقت مبكر حيوية هذا المجال، فقد بدأت بالتحول الإلكتروني منذ عام 2000، وقامت بجهود كبيرة من أجل تطوير وتوظيف تقنيات وآليات الذكاء الاصطناعي فأطلقت في عام 2013 مبادرة الحكومة الذكية لتوفير الخدمات للجمهور، وأنشأت مشروع أول مدينة ذكية متكاملة «سيليكون بارك» في عام 2014، وأكملت التحول الذكي للخدمات الحكومية بنسبة 100% في عام 2015، ثم أطلقت استراتيجية الذكاء الاصطناعي كأول مشروع ضخم ضمن مئوية الإمارات 2071، التي تهدف إلى أن تصبح الإمارات الدولة الأفضل في العالم في كل المجالات بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الاتحاد، كما سبق وأطلقت حكومة الإمارات بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» مشروع بروتوكول الذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز جهود استشراف المستقبل وتبني أدواته انسجاماً مع التحولات التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم، وقد عملت على تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات وعلى المستويات الحكومية والخاصة كافة. وقد حرصت الدولة على اتباع منهجية محددة المعالم من أجل تحقيق الاستفادة الأكبر من هذا المجال في المستقبل، ولعل من أهم الآليات التي اتبعتها الدولة هي تنمية الكوادر البشرية والكفاءات المختصة، فنظمت الدورات التدريبية المتخصصة، وخصصت البعثات العلمية، بل وكانت سباقة في تخصيص وزارة معنية بهذا المجال تحديداً، كل هذا لإيمانها العميق بأهمية، بل ومحورية العنصر البشري في أي مجال أو أي عملية تطوير. وفي هذا السياق وقعت مؤخراً وزارة الدولة للذكاء الاصطناعي ومركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني مذكرة تفاهم بهدف مواصلة الارتقاء بالقدرات الإبداعية والمتخصصة لشباب الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي والتعاون من خلال الورش التخصصية والبرامج المطروحة من قبل مركز أبوظبي التقني، الذي يضم أكثر من 16 ألف طالب وطالبة في مختلف المؤسسات التعليمية التابعة له في مختلف أنحاء الدولة. وهذا مهم جداً لأن التعاون بين مختلف المؤسسات، خاصة المعنية بشكل مباشر في هذا المجال، أمر ضروري لتحقيق أهداف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وقد شدد معالي عمر سلطان العلماء، وزير الدولة للذكاء الاصطناعي على أهمية تعزيز الشراكة بين الجهات الحكومية والخاصة كافة، وضرورة تضافر الجهود وتكاملها لتجسيد توجهات حكومة الإمارات بتمكين الشباب من مهارات وأدوات المستقبل، وبناء قدراتهم وخبراتهم العملية في المجالات الحيوية التي تشكل محاور أساسية للرؤى الاستراتيجية للدولة. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية