تشهد مدينة جنيف السويسرية منذ يوم الاثنين الماضي، انعقاد جلسات وفعاليات الدورة الحادية والسبعين لجمعية الصحة الدولية (World Health Assembly)، بحضور وزراء الصحة، ووفود 194 دولة من دول العالم، لمناقشة بنود «البرنامج العام الثالث عشر للعمل»، ضمن الخطة الاستراتيجية الخمسية لمساعدة الدول على بلوغ الأهداف الصحية من أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك أجندة طموحة للتغير، تسعى لإنقاذ حياة 29 مليون شخص بحلول عام 2023. وتتزامن الدورة الحادية والسبعون لجمعية الصحة الدولة هذا العام، مع مرور سبعين عاماً على تأسيس منظمة الصحة العالمية، لتشكل احتفالاً دولياً بسبعة عقود من الإنجازات على صعيد الصحة العامة، وهي الإنجازات التي تتجسد وتتمثل في ارتفاع متوسط عمر أو مؤمل الحياة لأفراد الجنس البشري بمقدار 25 عاماً خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى إنقاذ حياة الملايين من الأطفال، وتحقيق اختراقات فائقة الأهمية على صعيد القضاء على أمراض خطيرة وقاتلة، مثل مرض الجدري، والذي يؤمل أن يلحق به أيضاً عن قريب مرض شلل الأطفال، إلا أن تقرير الاحصائيات الصحية الدولية (World Health Statistics)، والذي نشر نهاية الأسبوع الماضي، يظهر أن الإنسانية لا زال أمامها طريق طويل لتقطعه. هذه الاحصائيات والبيانات تشير إلى أنه لا يزال هناك أعداد كبيرة من أفراد الجنس البشري يلقون حتفهم نتيجة أمراض كان من الممكن تجنبها، وتحقيق الوقاية منها، وأن أعداداً كبيرة أيضاً لا تزال تدفع دفعاً نحو هاوية الفقر والعوز بسبب نفقات العلاج والرعاية الطبية التي يضطرون لتسديدها من جيوبهم، في ظل عدم توافر خدمات صحية تلبي احتياجاتهم. فقط سقط 100 مليون في هاوية الفقر الشديد نتيجة اضطرارهم لما يحتاجونه من علاج ورعاية طبية من مالهم الخاص. كما ويلقى 13 مليون شخص حتفهم سنوياً قبل بلوغهم عامهم السبعين، غالبيتهم في الدول الفقيرة والدول المتوسطة الدخل، بسبب أمراض القلب والشرايين، والأمراض التنفسية المزمنة، وداء السكري، والأمراض السرطانية. هذا بالإضافة إلى أن 15 ألف طفل يلقون حتفهم يومياً، قبل بلوغهم عامهم الخامس. ويأتي اجتماع جمعية الصحة الدولية هذا الأسبوع، على خلفية ظهور وباء جديد من فيروس إيبولا في وسط أفريقيا، وهو ما يعتبر تحذيراً صارخاً بأن المخاطر الصحية الدولية يمكنها أن تطل بوجهها القبيح، وبقوة، في أي وقت أو مكان، وخصوصاً في الدول التي يعاني نظام الرعاية الصحية فيها من الضعف والوهن، بسبب نقص الكوادر الطبية المؤهلة، وشح المصادر المالية الضرورية، وهو ما يشكل خطراً على باقي دول وشعوب العالم. ويعتبر «البرنامج العام للعمل» المصمم لمواجهة هذه التحديات والتسريع في تحقيق التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، هو خلاصة 12 شهراً من المناقشات المكثفة مع الدول المعنية، ومع الخبراء، وشركاء المنظمة الدولية، ويتمركز حول ما يطلق عليه أهداف «المليارات الثلاثة». المليار الأول، هو مليار من البشر لا تتوافر لهم حاليا الرعاية الصحية الشاملة، وستبذل الجهود الحثيثة أن توفر لهم. أما المليار الثاني، فهو مليار البشر الذين يجب أن تطور وتحسن إجراءات حمايتهم من الطوارئ والأوبئة المرضية. أما المليار الثالث، فهم مليار البشر الذين يجب أن يتمتعوا بمستوى أعلى من الصحة والرفاهية، مقارنة بما هو متوافر لهم حاليا. وبخلاف ما سبق، ستتضمن أجندة الجمعية الصحية الدولية لهذا العام قضايا صحية متنوعة ومتعددة، مثل جهود مكافحة والقضاء على فيروس شلل الأطفال، ودرجة الاستعداد للطوارئ الصحية العالمية، ومقدار وحجم النشاط البدني الذي يبذله حالياً أفراد الجنس البشري، والتطعيمات الطبية، والعبء الطبي والصحي الدولي للدغات الثعابين، بالإضافة إلى أمراض القلب الروماتيزمية.