فيما دخل دونالد ترامب العام الثاني في منصبه، بدا عازماً على زعزعة «استقرار» حكومته. فقد طرد مجموعة من المستشارين، واستبدلهم بأشخاص يحب أن يراهم على شاشات التلفزيون. وهو يمضي قدماً في تنفيذ سياسة الحرب التجارية التي وعد بها سابقاً. وقد قرر لعب دور البطولة في تنظيم لقاء قمة مع كوريا الشمالية. وبالنسبة للذين يخشون حدوث كارثة بسبب هذه الرئاسة، فإن ظاهرة «إنني المسؤول هنا» تبدو مثيرة للقلق. بيد أنها طبيعة عصر ترامب هي التي غيرت كل التوقعات، لذا كان طبيعياً أن كل ما أعقب خروج كوهن وتيلرسون وماكماستر، والإعلان عن فرض تعريفات جمركية وتذبذب في سوق الأسهم.. هو الأشهر الستة الأكثر نجاحاً لرئاسة ترامب حتى الآن. إن كلمة «ناجح» مصطلح نسبي: فرئيسنا لا يستطع رفع شعبيته، ولا يزال قيد التحقيق في قضية التدخلات الروسية، ولا يزال غير قادر على دفع جدول أعمال جوهري من خلال الكونجرس، وقد يفقد حزبه مجلس النواب في نوفمبر المقبل. غير أن شهري مارس وأبريل جلبا بعض الأخبار الجيدة لترامب؛ فمن ناحية، تحسن وضعه السياسي الأساسي: إذ حصل على 44% بالنسبة لقبول أسلوبه في العمل، وذلك في دراسة لـ «ريل كلير بوليتيكس»، بينما حصل على 41% في استطلاع «فايف ثيرتي إيت»، وهي أعلى المعدلات منذ بداية إدارته. كما تحسن وضع حزبه، حيث لم يعد تقدم التصويت الديمقراطي الشامل كبيراً بما يكفي لضمان زوال الحزب الجمهوري. وقد يكون هذا التحسن مفاجئاً إذا ما اتبعت فقط أصداء التغطيات الصحفية، والتي يقال إنها أصبحت أقوى مع خضوع محامي ترامب للتحقيق في مسألة «ستورمي دانييلز»، لتنتقل هذه القضية من الظل وتصبح محور الاهتمام. لكن فيما لم تتراجع وتيرة الأخبار السلبية، تغيرت طبيعة هذه الأخبار. وربما يكون روبرت مولر لا يزال لديه إفشاءات قد تعيد القصة إلى نقطة البداية؛ ومؤيدو ترامب الذين يصفون سراً التواطؤ بأنه «نظرية مؤامرة»، يبدو أنهم مفرطون في الثقة بينما يهتف المهووسون بروسيا مع كل «ازدهار» يحدث على تويتر. لكن من الواضح أن ترامب هو أفضل حالاً من الناحية السياسية مع تركيز التحقيق على محاولاته إخفاء حياته الخاصة بدلاً من تعاملاته مع روسيا. ويحدث ذلك في الوقت الذي يتمتع فيه ترامب باقتصاد تراجعت فيه معدلات البطالة إلى مستوياتها في أواخر التسعينيات. في هذا المناخ، من غير المرجح أن يفوز الرئيس في الحرب التجارية، لكنه يستطيع تحمل خوض معركة صغيرة، كتلك التي خاضها كلينتون عام 1998، ويمكنه توقع مغفرة من الناخبين. من الواضح أن استراتيجية ترامب فيما يتعلق بكوريا الشمالية لم تمنع الجهود الدبلوماسية من التقدم. وهذا يجعل شمال شرق آسيا آخر مسرح يتحدى مخاوف من حدوث زعزعة مفاجئة للاستقرار أدت إلى قدر كبير من قلق السياسة الخارجية. لكن إذا كان الاقتصاد والسياسة الخارجية قد عززا حظوظ الرئيس، فإن أهم دفعة ربما تأتي من داخل حزبه، في صورة أجندة غير موجودة على الإطلاق طرحها الأعضاء الجمهوريون في الكونجرس منذ تمرير قانون الضرائب. هذا الغياب هو، بالطبع، إدانة للحزب الجمهوري، لكنه من الناحية السياسية أفضل كثيراً من تشريع لا يحظى بشعبية كبيرة قد يتبعه الجمهوريون، إذا ما حاولوا مجدداً إلغاء أوباماكير. والحقيقة الأساسية الآن هي أن الحزب الجمهوري فعال سياسياً فقط كوسيلة مناهضة لليبرالية، ونقطة حشد للمجموعات المتباينة التي تشعر بالتهديد من سيطرة النخبة الثقافية الكاملة على الحكومة. روس دوثات كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»