أثارت تغريدة كتبها أحد أعضاء المجلس الوطني الاتحادي لغطاً في موقع «تويتر»، بعد أن اعتبر أن كفاءة النسب في الزواج مسألة شرعية وليست تعصّباً قبلياً. وبالعودة إلى قانون الأحوال الشخصية الذي ينظّم مسائل الزواج في الدولة، وفيما يتصل بموضوع هذا المقال، نجده يؤكد أن الكفاءة من لوازم الزواج، بأن يكون الرجل كفؤاً للمرأة من ناحية الدين، وكفؤاً لها في غير الدين بحسب العُرف. وعرّفت المذكرة الإيضاحية للقانون كفاءة الدين بأن يكون الرجل ظاهر العدالة، فلا تتزوج عفيفة بفاجر مستهتر، وأرجعت الكفاءة في غير الدين إلى العُرف الذي يحدد ما تتعيّر به الزوجة وأولياؤها، وهذا يختلف باختلاف أنظار الناس زماناً ومكاناً. وقد سار القانون في لزوم الكفاءة في غير الدين على رأي بعض الفقهاء، إذ أن رأي جمع كبير من الصحابة والتابعين والمجتهدين أن الكفاءة المعتبرة في الدين وحده، كما قالت المذكرة الإيضاحية. القانون إذن لم يثبت أو ينفي النسب كعنصر من عناصر الكفاءة، وهو ما يعني ترك تقدير ما تتعيّر به الزوجة وأولياؤها فيما تعارف عليه الناس إلى اجتهادات المحاكم، وقد توافر لدى كاتب هذه السطور ثلاثة أحكام في دعاوى من فتيات وسيدات على أوليائهن بسبب امتناعهم عن تزويجهن بمن تقدمن لهن بحجة عدم الكفاءة في النسب، الحكم الأول ذهب إلى أن النسب المتعين في الكفاءة هو أن يثبت نسب الرجل لأب، وليس أكثر من ذلك، وفي الحكمين الثاني والثالث تقرر أن غير الإماراتي كفؤ للإماراتية من حيث النسب. وبرغم أن هذه الأحكام لم توافق المعنى الذي قصده عضو المجلس الوطني في تغريدته، وهو أن يكون الرجل مماثلاً للمرأة في الأصول والأجداد، فإنه لا يمكن استخلاص توجّه المحاكم إلا بتكرار الأحكام واطرادها على ذلك التفسير للنص القانوني، حتى يمكن القول وبشكل قاطع إن أصل الرجل لا يدخل ضمن عناصر الكفاءة اللازمة وفق قانون الأحوال الشخصية الإماراتي. وعلى أي حال، لم يشترط أي قانون أحوال شخصية عربي كفاءة النسب في الزواج بشكل صريح، بل على العكس، أكثر القوانين حدّدت عناصر الكفاءة في الزواج في معايير محددة حصراً، ليس من بينها تكافؤ النسب. وثمة سبع اتجاهات في مسألة الكفاءة في قوانين الدول العربية، ففي الإمارات وعُمان والبحرين، الكفاءة معتبرة في الدين والعُرف كما مرّ بيانه، وفي سوريا وليبيا مناط الكفاءة في العُرف فقط، وفي الكويت الكفاءة لازمة في الدين فقط، وفي قطر واليمن والسودان الكفاءة معتبرة في الدين والخُلق، وفي الأردن الكفاءة تكون في الدين والمال، أي القدرة على أداء مقدم المهر والنفقة الزوجية، وفي فلسطين الكفاءة في المال فقط، أما في العراق ومصر وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، فالكفاءة ليست من لوازم الزواج بأي شكل من الأشكال. القانون الإماراتي إذن، والعماني والبحريني أيضاً، ومقارنة بالقوانين المشار إليها، أكثر القوانين العربية التي أولت الكفاءة في الزواج اهتماماً، لكنها لم تنص صراحة على كفاءة النسب، وتركت تقدير الكفاءة في غير الدين لاجتهادات المحاكم.