اتهام الإمارات بوقوفها ضد الحكم الإسلامي اتهام مضحك، فكيف تقف الإمارات ضد حكم تمثل هي أفضل نموذج له في وقتنا الحاضر؟! يمكن تعريف الحكم الإسلامي بأنه الذي يتحاكم الناس في ظله إلى شرع الله، ويتحقق فيه مبدأ الشورى، وينشر العدل والمساواة. وتتجلى حاكمية الله تعالى بالقوانين النافذة هنا، فنحن نتزوّج ونطلّق ونوصي ونورّث ونبيع ونشتري ونؤجر ونستأجر وفق الشرع، كما أن العقوبات الشرعية تسري على ما قد يُرتكب من جرائم حدود وقصاص، ما لم يحل عارض شرعي دون تطبيقها، لتعامل الجريمة باعتبارها من جرائم التعزير التي ترك الشرع تحديد عقوباتها بيد الحاكم. ويقع بعضهم في سوء الفهم بمجرد سماعهم كلمة «القوانين»، معتقدين أنها في مقابل «شرع الله»، والحقيقة أن أحكام الشريعة مقننة في بعض الدول كالإمارات، والتقنين يعني «صياغة أحكام الشريعة في شكل مواد قانونية مرقمة على غرار القوانين الحديثة، من مدنية وجنائية وتجارية.. إلخ، لتكون مرجعاً سهلاً ومحدداً يتقيد به القضاة ويرجع إليه المحامون ويتعامل على أساسه المواطنون»،بدلاً من أن يغوص الجميع في متون كتب الفقهاء، وهي بالآلاف، ليعرفوا ما لهم وما عليهم... هذا إن عرفوا. أما الشورى، وهي «استطلاع رأي الأمة أو من ينوب عنها في الأمور العامة المتعلقة بها»، فتتجلى في المجلس الوطني الاتحادي والمجالس الاستشارية المحلية. وهذه المجالس تتفق ونظام الشورى، على الأقل مع الرأي الذي يرى أن الشورى واجبة، لكن الآراء التي تنتهي إليها مُعلِمة وليست ملزمة. وإذا كانت بعض الدول تشترك مع الإمارات في مسألة التحاكم إلى الشرع وفي الشورى، فإن الذي يصنع الفارق للإمارات هو مبدأ العدل والمساواة، والذي كان مفقوداً حتى في بعض العصور الإسلامية، وما لم يتحقق هذا المبدأ، فإن التحاكم إلى الشرع يصبح استغفالاً، إذ ما الجدوى من قانون إسلامي يطبق بظلم وشطط؟! ولأن الحكومات كلها تزعم تحقيق مبدأ العدل والمساواة بين الناس، ذلك أن «الكلام ببلاش»، فلابد من التدليل على تحقق هذا المبدأ بمظاهره. ولا يتسع المقام لاستعراض كل مظاهر العدل والمساواة في الإمارات، لذلك سأشير إلى بعضها، كمؤشر السعادة الذي حلّ فيه الإماراتيون كأسعد شعب عربي والرابع عشر عالمياً، وهو ما يعني بالبداهة تحقق العدل والمساواة له، إذ لا يمكن أن يكون سعيداً من تعرض للظلم والشطط. ومنها حصول الإمارات على المركز الأول عالمياً في مؤشر ثقة المواطن في حكومته واقتصاده، ومن يأتي أولاً في الثقة به هو أقرب إلى الإسلام من غيره، ذلك أن الحكم القائم على خداع الشعب والتدليس عليه هو الذي لا يمكن الثقة به أبداً، وهو الذي لا شيء فيه من الإسلام أياً كان اسمه. ومن المؤشرات استقبال مطارات الدولة الطائرات من شرق الأرض وغربها، محملة بملايين الزائرين الذين سبقهم إليها الملايين من المقيمين من 202 جنسية، وأي عاقل يمكن أن يسافر إلى بلد، ناهيكم عن الإقامة فيه، بل الحلم بأن يعيش فيه، إن كان نظامه ظالماً لا ينصفه، ومتجبّراً لا يرحمه؟! ورغم أن العدل والمساواة متحققة في الكثير من الدول الغربية، فإن الإمارات لها الأفضلية بالنسبة للمسلم، إذ يأمن المسلم هنا -بالعدل والمساواة- على نفسه وماله وعرضه وكرامته، ويأمن هنا -بالتحاكم إلى الشرع- على أسرته وعقيدة أولاده، وإلا لما اختار الشباب العربي الإمارات كبلد الإقامة المفضل بالنسبة إليهم على مستوى العالم بأسره. وكل واحدة من هذه المؤشرات كافية وحدها لاستنتاج تحقق العدل والمساواة منها، وكل واحد من هذه المؤشرات الكلام فيه يطول ويطول، ومع هذا فلسنا في المدينة الفاضلة، لكن الواقع يقول إن هذا المبدأ متحقق في الإمارات أكثر من غيرها، ومن ثم فليس من المبالغة القول إن الإمارات تمثل أفضل حكم إسلامي في وقتنا الحاضر، لو كان القرضاوي وجماعته يفقهون.