الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكسيكيون.. استياء داخلي يتجاوز ترامب

14 فبراير 2017 23:06
شارك آلاف المكسيكيين في مسيرات في شوارع العاصمة ومدن أخرى يوم الأحد الماضي، احتجاجاً على وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهم بأنهم «مغتصبو نساء» ولصوص، مطالبين «باحترام المكسيك». لكن في الجدل السابق على الاحتجاجات ظهرت توجهات تدل على رغبة المكسيكيين في الاحتجاج ضد رئيسهم الذي لا يتمتع بشعبية والطبقة السياسية أيضاً أكثر من رغبتهم في الاحتجاج ضد ترامب، رغم عزم الزعيم الأميركي على بناء جدار حدودي واستمراره في استهداف عملة بلادهم واقتصادها بتغريدات شديدة اللهجة على تويتر. وكان ائتلاف يُطلق عليه «فيبرا مكسيكو»، ويعني تقريباً «المكسيك تتحرك»، قد دعا إلى احتجاج يدين معاملة ترامب للمكسيك، لكنه طالب السياسيين المكسيكيين أيضاً ببذل المزيد. والائتلاف حركة «غير حزبية» تضم أكثر من 70 منظمة من جماعات المجتمع المدني والجامعات والمنظمات غير الحكومية. لكن ازدواج الهدف من الاحتجاج لقي انتقادات من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. فرغم تجلي خطر ترامب في الأفق، تكاثرت أنواع الهشتاج التي تنتقد احتجاج «فيبرا مكسيكو» على تويتر، بينما ناشد منظمو الاحتجاج المشاركين بالتركيز على الاحتجاج ضد ترامب. وأشار إنريك جراو رئيس جامعة المكسيك القومية المستقلة، وهي أكبر جامعة عامة في البلاد وجزء من ائتلاف «فيبرا مكسيكو»، إلى أن سكان البلاد غاضبون من أشياء كثيرة منها الفقر وعدم المساواة وعدم محاسبة الفاسدين، لكن السؤال هو «ما الذي يثير غضبنا بأكبر درجة؟ في هذا الوقت نحن غاضبون بسبب المعاملة التي لقيتها المكسيك من الرئيس الأميركي». وتشير استطلاعات للرأي إلى استياء عميق من ترامب في المكسيك، لكن كثيرين من المكسيكيين مستاؤون من الشؤون الداخلية أكثر من استيائهم من عدم احترام زعيم أجنبي لهم ولبلادهم. والجدير بالذكر أن فوز ترامب في الانتخابات جاء في غمرة احتجاجات حاشدة في المكسيك على زيادة بنسبة 20 في المئة من أسعار البنزين واتهام ثمانية من حكام الولايات باختلاس أموال عامة وقصص عن سياسيين يتقاضون علاوات كبيرة بلا مسوغ مقبول في بلد يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور أربعة دولارات في اليوم. وفي ظل هذه الظروف، يشكك محللون في أن رسم صورة لشرير أجنبي يغير عقول كثير من المكسيكيين بشأن طبقتهم الحاكمة الذين اتهموها بالضعف أمام ترامب وتهديداته. ويرى «إيلان سيمو» أستاذ التاريخ في جامعة «إيبروأميركان» أن «ترامب يُصور على أنه مشكلة المكسيك الأساسية. لكن المشكلة الأساسية لمعظم المكسيكيين هي بينا نيتو.. المكسيكيون لن يؤيدوا النظام الحالي لأنهم يشعرون أن بينا نيتو وفريقه سيمضون قدماً في استخدام الأجندة الوطنية في محاولة لبناء بعض التوافق». وطالب ائتلاف «فيبرا مكسيكو» الرئيس بالتحلي بـ «الشفافية» في مفاوضاته مع ترامب، وطالب أيضاً الحكومة بالتوصل لحل مشكلات عدم المساواة والفساد وعدم المساءلة وانتهاكات حقوق الإنسان. وهناك إجماع وسط الصفوة المكسيكية على مهاجمة ترامب، حيث تدعو وسائل الإعلام وطبقة أصحاب الأعمال والزعماء الدينيون إلى توحيد صفوف المكسيكيين. وصرح الملياردير كارلوس سليم الذي اجتمع مع ترامب في ديسمبر الماضي في مؤتمر صحفي نادر أنه يتعين على البلاد بأسرها دعم الرئيس المكسيكي «في مواجهة خطر خاص في العلاقات الأميركية لم نشهده في 100 عام». ودأب «بينا نيتو» على الدعوة إلى لم الشمل لكن طريقته الرصينة والرسمية في الحديث والفعاليات التي ينظمها ويحضرها أفراد الصفوة والسياسيون الذين يتعهدون بالدعم فشلت جميعها عادة في تحريك الجماهير. كما أن أتباعه لا يلقون قبولاً وسط الجمهور. فقد كال الزعيم النقابي «كارلوس اسيفيس دو أولمو» المديح لبنيتو في مؤتمر صحفي عن موقف المكسيك من السياسة الخارجية في عصر ترامب. فما كان من مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن امتلأت بنقد لاذع لـ«أولمو»، الذي ظهر قبل ذلك مع «بينا نيتو»، وهو يرتدي ساعة سعرها 20 ألف دولار في حين يشتكي من ركود رواتب العمال. وقلق قطاع كبير من المكسيكيين من ترامب أقل من قلقهم من ساستهم. ومازال الغضب من القضايا المكسيكية الداخلية قوياً. فقد أكد «جيراردو بريجو تابيا»، النائب المكسيكي السابق عن حزب «العمل الوطني» اليميني، أن ترامب لا يثير غضبه كثيراً، لكن ما يثير ضيقه هو زعماء النقابات وحكام الولايات ورؤساء البلديات الذين يحققون ثراء فاحشاً مفاجئاً والشرطة المتحالفة مع المجرمين. وأضاف: «أنا مقتنع أن العدو هنا في الداخل وليس في الخارج». *محلل سياسي مختص بشؤون المكسيك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©