الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أمجد هاني يحاور بيوت دمشق القديمة والطبيعة الفارهة

أمجد هاني يحاور بيوت دمشق القديمة والطبيعة الفارهة
26 يناير 2013 00:04
سلمان كاصد (أبوظبي)- ضمن محاكاة شعورية لعالم الذاكرة حاول الفنان السوري أمجد هاني غرز الدين أن يقيم حواراً بين مشاعره إزاء مدن عاش بها وبين عالم الواقع الذي رآه وانطبع في ذاكرته التي أخذت تستعيد أجزاء من ذلك العالم، ولهذا رأينا شيئاً من عوالم الانطباعيين قد أثرت في ملامح لوحات هذا الفنان الشاب الذي عرض أعماله مؤخراً في النادي البريطاني بأبوظبي تحت عنوان «نوافذ». قدم أمجد غرز الدين اثنتين وثلاثين لوحة رسمها بالزيت لأحياء دمشق القديمة وللطبيعة التي عاشها بكل جزئياتها التي حاول جاهداً الحفاظ على أبعادها الهندسية الدقيقة. حملت اللوحات أسماء عديدة منها «دمشق القديمة»، و«نوافذ دمشقية»، و«الباب الأزرق»، و«ذكرى طفل عند باب أحمر»، و«قش وبراميل»، و«موسم الحصاد»، و«ربيع»، و«صيف حار»، و«حمام»، و«شبابيك»، و«شتاء دمشقي». حاول غرز الدين أن يلتقط قدامة المدن الدمشقية، متمثلاً في روائح البيوت التي عاشها وألوانها وتشكلات الزمن على وجوهها، في تحسس لكل أجزائها، وفي اعتناء خاص باللون و«الشناشيل» والنوافذ والأبواب القديمة وواجهات البيوت وانحناءات الأزقّة وتراصف الجدران، وهو في كل ذلك ظلّ محافظاً على روح الأبعاد الهندسية ودرجة الإضاءة في اللوحة، مما جعله يتتبع آثار الرسامين المستشرقين الذين مروا بدمشق في لوحاتهم التي تركت أثراً إبداعياً مهما، كونهم قد تمرنوا على دقة التنفيذ والبراعة الهندسية في معالجة الزوايا والأبعاد التي تعتبر عناصر مهمة في اللوحة. اختار أمجد غرز الدين ألواناً فاقعة، حارة في معظم اللوحات التي رسمها لمدينته دمشق، وهو في ذلك لم يخرج عن الواقع الكلاسيكي للبيوت الدمشقية التي كان فيها اللون يمثل الذائقة الاجتماعية البسيطة، حيث جهد الدمشقيون في اختيار ألوانهم الخاصة والتي تعبق منها جماليات إنسانية مهمة. في لوحة له بعنوان «بيوت» قدم أمجد غرز الدين بيوتاً ريفية عند سفح جبل دمشقي، بيوت من الطين فوق بعضها وسلم بدرجات يقودنا إلى الأعلى وخضرة فارهة وزهور ملونة وشبابيك كثيرة وباب أزرق في الأعلى، حيث تعامل الفنان مع لون البيوت بذائقة اختار لها لوناً طينياً بنياً، وسلط عليه الضوء الباهت فبدت القرية بكل تاريخها وجمالياتها، هذا بالإضافة إلى الأقواس التي برع الفنان في مقابلتها مع بعضها البعض. استغل أمجد غرز الدين علاقة الطبيعة بالمدينة، إذ هجمت الطبيعة في لوحاته على واجهات البيوت فزادتها جمالاً ولم يكتف بذلك بل قدم الطيور الداجنة بوصفها جزءا من عناصر البيت الدمشقي الريفي، أقفاص الطيور ومنخل الحبوب المعلقة في واجهة الدار والبرميل الأحمر والزهور التي غطت الشرفات والأبواب القديمة الآيلة للسقوط كلها عناصر جمالية تقرب اللوحة للمتلقي. بالإضافة إلى هذه الأعمال التي تخص تراث المدينة الدمشقية وجدنا أعمالاً استغل فيها الفنان تصوير الطبيعة بأزهارها وطرقها الريفية وطغيان الخضرة الفارهة، وتعدد الألوان الزهرية وهو في ذلك يعيدنا إلى مشاهد ماتيس وانفعالاته الهادئة وانطباعيته الأخّاذة. في لوحة الفانوس الأزرق والبساط الأحمر المرقش والحصير الدائري الملون والطنجرة السوداء والفرو الأبيض قدم أمجد غرز الدين درساً متقناً بمراعاة الأبعاد في اللوحة وتنظيم اللون وتجاوراته مع الألوان الأخرى. كما قدم غرز الدين في لوحته «شتاء دمشقي» البيت ذو الحجر الأسود وسوره الثلجي وبابه القديم، وتساقط الثلج بكثافة ولم ينس البرميل الأحمر الذي غطاه الثلج وشجرة البيت القديمة التي تثلجت أيضاً، بينما بدا ضوء باهت خلف شباك المنزل، ليعيد وسط الشتاء القارس الحياة للبيت.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©