عدد اليوم
عندما ألتفت حولي كمواطن عربي مصري مشغول بأحوال أمتنا العربية لأجول بنظري في أرجاء الخريطة العربية، باحثاً عن مواقع القوة العربية القادرة على دعم مصر في صد الأطماع الاستعمارية والتوسعية والطائفية وأجندات التطرف الديني، وحروب المياه التي تهدد العرب، فإنني أجد أطلالاً ومدناً مهدمة وإرادات قد سُلبت إلا في رقعة واحدة تعيد إلى نفسي الأمل.
إنني أجد عناصر الإرادة الصلبة والعزم الفولاذي والوعي العروبي، وأقع على القدرات العسكرية ومخططات التنمية البشرية والنهضة الاقتصادية والحضارية تجتمع كلها في حصن عروبي وحيد يمثله التحالف والتلاحم بين الرياض المتلألئة بأضواء عمائرها الشامخة وعزائم رجالها وجامعاتها الزاهرة والمستعيدة لشبابها بروح التجديد المنبعثة من رؤية 2030 وبين أبوظبي المزدهرة بمواكبة ركب الحضارة المتقدمة، والجامعة بين روح الأصالة العربية وقطف ثمار العلم والحداثة.
أيها العرب المؤمنون بعروبتكم في كل الأقطار..
لكم أن تستبشروا بغدٍ عربي أفضل عندما ينتهي حصن الرياض وأبوظبي من المهمة الآنية الملحة، وهي التطهير الكامل لشبه الجزيرة العربية وخارجها من الجيوب الطائفية والأطماع الفارسية، ساعتها ستصفو الرؤية مع انقشاع دخان معركة «عاصفة الحزم وإعادة الأمل»، وسيزول الخطر القادم من الشرق، وسيتفرغ حصن العروبة بكل قواه لمزيد من مراحل التنمية البشرية والاقتصادية والحضارية الحديثة، صعوداً إلى مدارج أعلى في ركب الحضارة المعاصرة.
إنني أرى رأي العين اللحظة القادمة بالضرورة مع الانتصار النهائي في اليمن، والتي ستتسع فيها القاعدة الجغرافية السياسية لحصن العروبة في الرياض وأبوظبي لتضم عواصم عربية أخرى من منطقة الخليج العربي ومن خارجها أيضاً.
ولكي ندرك قيمة هذا الحصن لحاضر ومستقبل العروبة علينا أن نتذكر أنه قد مرت على العالم العربي منذ سنوات قليلة عاصفة هوجاء مدمرة ومدبرة تحت شعارات براقة، حولت العمران في بقع عربية عديدة إلى خراب وحولت أعزة الناس إلى لاجئين مشردين في أنحاء المعمورة.
من دواعي السخرية أن من دبروا لهذه العاصفة أطلقوا عليها اسم «الربيع العربي»، وهو اسم جاء ليخفي مخططات التخريب ونوايا تفتيت الخريطة العربية وتهشيم أركان الدولة الوطنية، والانتقام من العرب والعروبة في أقطار عربية عديدة ولحسن حظ العرب فقد نجا من هذه العاصفة الخبيثة حصن العروبة السعودي- الإماراتي الذي يتولى اليوم الدفاع النشط عن عروبة اليمن الذي اجتاحته قوى الطائفية المدعومة بالأصابع الفارسية.
من العلامات المبشرة على متانة هذا الحصن العروبي أن التحالف الذي تأسس بين السعودية والإمارات يقوم على ركائز عدة لا تتوقف عند الشراكة الأمنية والعسكرية والسياسية، بل يمتد إلى الشراكة الاقتصادية عصب الحياة للأوطان والأفراد في كل العصور.
إن اختيار اسم استراتيجية العزم على الشراكة بين البلدين التي تستهدف تدشين تجربة نموذجية للتكامل الاقتصادي والتعاون بين البلدين هو اختيار له دلالة مبشرة لكل عربي محب لأمته، ويسعى من أجل تحقيق عزتها وضمان مناعتها ونهضتها..
ولا شك أن صورة تأسيس هذه الاستراتيجية التي تجمع بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد السعودي تفصح عن تعبيرات وعلامات العزم العربي الموروثة من أسلافنا العظماء المؤسسين للمملكة العربية السعودية التي تحتفل بيومها الوطني، ولدولة الإمارات العربية المتحدة التي تشارك شقيقتها الاحتفال بعيدها، تعبيراً عن وحدة المصير.
د.إبراهيم البحراوي
أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس.
