الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مواجهة تغير المناخ.. مهمة وطنية ودولية

19 نوفمبر 2016 22:40
نعيش هذه الأيام أوقاتاً غير عادية، فمنذ أقل من أسبوعين، كنا نحتفل بدخول اتفاقية باريس للمناخ حيز التنفيذ بعد جهد عالمي غير مسبوق للمصادقة عليها بمشاركة كل الدول، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة، البلدان المسؤولان عن أكبر انبعاثات للغازات الدفيئة. والآن، وبعد نتائج الانتخابات الأميركية، هناك تحدٍّ يحدق في الأفق بأن تصبح جهود التعامل مع تغير المناخ بلا زعامة دولية، وخاصة أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وصف في وقت سابق تغير المناخ بأنه «خدعة» ابتدعها الصينيون! وبينما يتأرجح الرأي السياسي، لم يسبق للعلم أن كان بهذا الوضوح من قبل فيما يتعلق بالحاجة إلى التعامل مع قضية تغير المناخ، وذلك مع قرب نهاية العام 2016 الذي سجل أعلى درجة حرارة وأقوى إعصار شهدته الأرض على الإطلاق. وخلال العام الماضي، بعثت اتفاقية باريس برسالة واضحة على المدى البعيد مفادها أن من مصلحة كل إنسان يعيش على كوكب الأرض أن يعمل بلا كلل على أمل تفادي الواقع الكارثي لمستويات خطيرة من تغير المناخ. ومع ذلك، فقد كانت كل التعهدات التي قدمها جميع الأطراف كافية للحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى نحو 3 درجات مئوية فقط هذا القرن، وهو ضعف الحد الذي تم الاتفاق عليه، ما يُظهر نوعاً من التناقض. وما يبدو جلياً هو أن المنافع التي ستجنيها دولة الإمارات والمنطقة ككل من تنفيذ إجراءات عالمية عاجلة ستفوق التكاليف التي ستتكبدها، فقد نالت اتفاقية باريس بالفعل مصادقة الإمارات والسعودية -أكبر اقتصادين في المنطقة- ما يدل على التزامهما الثابت باتخاذ إجراءات للتعامل مع تغير المناخ. وجاء ذلك في الوقت الذي تحتاج اقتصاداتنا بشكل كبير إلى إيجاد مصادر دخل بديلة غير نفطية، وأمامنا الحل: «اعتماد اقتصاد يستخدم الطاقة البديلة». فعلى سبيل المثال، تلقت دبي هذا العام عروضاً لإنتاج 800 ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية بسعر قياسي على مستوى العالم بلغ 2,99 دولار أميركي لكل كيلووات في الساعة، الأمر الذي سيوفر الآلاف من الوظائف ويخفض انبعاثات الغازات الدفيئة. وبصفتنا منظمة تقترح الحلول، قمنا في جمعية الإمارات للحياة الفطرية مؤخراً بإطلاق مشروع جديد للتعرف على مدى إمكانية قيام دولة الإمارات بتوليد 100% من الطاقة الكهربائية من مصادر طاقة متجددة بحلول العام 2050. ونخطط للعمل مع القطاع الخاص والجهات الحكومية لإيجاد حلول مبتكرة يمكنها أن تزيد الزخم والعمل على تنفيذ المزيد من مشروعات الطاقة المتجددة في الإمارات. إن العالم بحاجة ماسة إلى قيادة تتزعم قضية مواجهة تغير المناخ، ما يتيح الآن فرصة ذهبية أمام دول كالإمارات والسعودية لسد هذه الفجوة، آخذين بعين الاعتبار الدور القيادي الذي تؤديه الإمارات بالفعل في المنطقة فيما يتعلق بمواجهة تغير المناخ، وقدرتها على ممارسة ضغوط دبلوماسية على شركائها في المنطقة والولايات المتحدة لمتابعة التزامهم تجاه قضية تغير المناخ. وفي الأسبوع الماضي، سعت مفاوضات الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في مراكش للموافقة على «دليل إرشادي» لتنفيذ نسخة العام الماضي من اتفاقية باريس، كما حاولت تحديد الإجراءات المبتكرة لسد «فجوة الانبعاثات» وضمان حصولنا على فرصة لنعمل جاهدين من أجل خفض درجات الحرارة إلى 1,5 درجة مئوية. وفي مراكش أيضاً، كان هناك كثير من التفاؤل والتعاون والاقتناع بأن الاتجاه نحو استخدام الطاقة المتجددة بالتحديد خيار لا بديل عنه، حيث اجتمع ممثلون حكوميون وغير حكوميين للاتفاق على حلول مبتكرة لتوسيع نطاق العمل في هذا المجال. ويتعين اعتبار التوصل لاتفاقية باريس والمصادقة عليها، أحد أكبر الإنجازات الدبلوماسية على مستوى العالم، حيث تُظهر اتحاد بلدان العالم لمعالجة تغير المناخ، وأن هذه القضية تحدٍّ دولي عام وليس خاصاً ببلد واحد أو منظمة واحدة أو شخص بعينه. إن اتخاذ إجراءات عملية يتطلب مستويات غير مسبوقة من التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، فلا خيار آخر أمامنا سوى القيام بذلك، فليس هناك كوكب صالح للحياة ككوكبنا لنعيش عليه. * مدير وحدة المناخ والطاقة لدى جمعية الإمارات للحياة الفطرية بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©