الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«التواصل الاجتماعي» من دون ضوابط.. فوضى وإثارة للفتن

«التواصل الاجتماعي» من دون ضوابط.. فوضى وإثارة للفتن
26 يوليو 2018 21:33
أحمد مراد (القاهرة) دعا علماء الدين مستخدمي ومتابعي مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة إلى الالتزام بالضوابط الشرعية التي أقرها الإسلام الحنيف لحرية الرأي والتعبير عند كتابة أو نشر ما يريدوه عبر صفحاتهم الشخصية، حتى لا تتحول هذه المواقع إلى «منصات» لنشر الفوضى والأفكار المنحرفة، والتي تضر بأمن واستقرار المجتمعات الإسلامية. وحذر العلماء من خطورة الأضرار التي تترتب على عدم الالتزام بحرية الرأي المضبوطة بالقواعد الشرعية، مؤكدين أن الإسلام كفل للإنسان حرية الرأي والتعبير، وجعلها أمراً واجباً على الناس، ولكن بضوابط وشروط محددة، أما ما نشاهده الآن على بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي فهو بعيد عن هذه الضوابط الشرعية، ويعمل على نشر الفساد في الأرض، وإثارة الفتن والقلاقل بين الناس، بنشر الإشاعات والأكاذيب والافتراءات. ضوابط شرعية الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ ضوابط شرعية العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة الأزهر، شددت على ضرورة أن يلتزم مستخدمو ومتابعو مواقع التواصل الاجتماعي بالضوابط التي حددها الإسلام الحنيف لحرية الرأي والتعبير، حتى لا تتحول هذه المواقع إلى «منصات» لنشر الفوضى والأفكار المنحرفة. وقالت الدكتورة شاهين: «صفحات التواصل الاجتماعي تحمل في طياتها الخير والشر، ويستخدمها كل شخص حسب ميوله ورغباته، فينال من ورائها خيراً أو يحصد من خلالها شراً، وللأسف الشديد هناك من رواد ومستخدمي ومتابعي مواقع التواصل الاجتماعي من يفعل الشر عالماً به، وعامداً له، وننصح كل شخص من هؤلاء بأن يحذر لنفسه من غضب الله سبحانه وتعالى، ونذكره بقول الله تعالى: «فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم»، «النور: 64». وهناك من ينتحل شخصيات وهمية غير شخصيته الحقيقية، ويتخذ من ذلك ستاراً ليدخل به إلى مواقع التواصل ويطلب الصداقات من غير بني جنسه، فتجد شباباً ورجالاً ينتحلون صفة نسائية ليتسنى لهم عقد صداقات مع النساء ويتعرفوا إلى أسرارهن، أو عقد صداقات مع رجال وإيهامهم بأنه امرأة متدينة، أو غير ذلك مما يؤدي إلى تعلق الآخر به، ومثل ذلك تفعله النساء أيضاً، وهذا الأمر يتسبب في مشاكل نفسية لمن يتعلقون بهذه الشخصيات الوهمية التي كثيراً ما يجد صاحبها نفسه في وقت ما ملزماً بأن يظهر حقيقته للآخر، فما يكون أسهل عليه من إلغاء حسابه على النت، وعمل صفحة جديدة باسم جديد ويترك الآخر يعاني من الصدمة، وهذا لون جديد علينا من الكذب، والكذب في الإسلام محرم، وهو شعبة من النفاق إذا لازم المرء، لقوله صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان»، وكبيرة من الكبائر، حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الاقتراب منها فقال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا»، وعلى كل من يفعل ذلك عالماً أو جاهلاً بالحكم الشرعي عليه أن يسرع بالتوبة. وذكرت الدكتورة إلهام شاهين بعض الضوابط الشرعية التي يجب أن يلتزم بها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، أولها الابتعاد عن الكذب والافتراء ونشر الإشاعات والأكاذيب والافتراءات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع»، ثانيها عدم كشف عيوب الآخرين، فالإسلام أمرنا بالتستر على عيوب الناس، وعدم فضحهم حتى من يرتكب المعصية، فأُمرنا بالتستر عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله يوم القيامة»، ثالثها الابتعاد عن السب والشتم، وقذف الآخرين والتكلم في أعراضهم، وقد وضع الشارع حد القذف ليردع كل من تسول له نفسه الكلام في أعراض الآخرين، رابعها، الابتعاد عن السخرية من الآخرين، يقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون». مواقع هدم أما الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق، فقال: «نعيش الآن في عصر غريب عجيب، فقد بعض الناس فيه المعيار والمقياس الذي يقاس به الحق ويقاس به الباطل، والذي ينكر به المنكر، ويرد به الخطأ، وخيمت علينا حالة من التيه، وذلك في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحولت إلى ما يبدو مواقع هدم ونشر الرذيلة والآراء المنحرفة، وكل ذلك تحت ستار«حرية الرأي»، وكأنها حرية مطلقة من دون ضوابط أو قيود، وهي رؤية سلبية ومرفوضة ترى أن الحرية هي التحرر من القيود والضوابط جميعها، بحيث يستطيع أن الإنسان أن يفعل أو يقول أو يكتب ما يشاء وكل ما يريد، وهو الأمر الذي يحول الاجتماع البشرى إلى حالة من الشتات والضياع، حيث إن بتطبيق المفهوم السلبي للحرية تعم الفوضى، ويتشتت الناس، ويفسد الأمر». وأوضح مفتي مصر السابق أن الرؤية الإيجابية والمفهوم الصحيح للحرية يرى أنها تعني استقلال الإرادة في التعبير بما يتلاءم مع الاجتماع البشري، والالتزام بالضوابط التي يتفق عليها جماعة البشر، كالضوابط الدينية والأخلاقية والعرفية التي يتصالح عليها المجتمع، والحرية بهذا المنظور توجه على أنها الوجه الآخر من المسؤولية، فقبل أن يعلم الإنسان أنه يتمتع بالحرية يعلم أنه مسؤول عنها وتلك الاختيارات والأقوال والأفعال أمام المجتمع البشري الذي يعيش فيه. سلوكيات مرفوضة أعربت الباحثة والكاتبة الإسلامية، د.خديجة النبراوي، عن أسفها لما تراه في مواقع التواصل الاجتماعي، من ظواهر وسلوكيات مرفوضة يصدرها البعض بحجة أنهم أحرار، ولهم مطلق الحرية في كتابة ونشر ما يريدون عبر صفحاتهم الشخصية حتى لو كان ذلك مخالفاً للقيم الدينية والأخلاقية والأعراف الاجتماعية. وحذرت الباحثة الإسلامية من خطورة الضرر الذي يسببه عدم الالتزام بحرية الرأي المضبوطة بالضوابط الشرعية، مشيرة إلى أن الأمة التي تخلو من حرية التعبير المضبوطة تنتشر فيها الفوضى والمفاسد، مشيرة إلى أن الإسلام حقق للإنسان حرية الرأي والتعبير، وجعلها أمراً واجباً على الناس، ولكن بضوابط وشروط، أما ما نشاهده الآن على مواقع التواصل الاجتماعي، فهو بعيد كل البعد عن هذه الضوابط، ويعمل على نشر الفساد في الأرض، وإثارة الفتن بين الناس بنشر الإشاعات والأكاذيب والأباطيل والافتراءات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©