الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«الرياح العكسية» تهدد «سفينة» الاقتصاد العالمي

«الرياح العكسية» تهدد «سفينة» الاقتصاد العالمي
5 مارس 2012
ساعدت مجموعة من التطورات الإيجابية منذ العام الماضي في تعزيز ثقة المستهلك وفي انتعاش الأصول المحفوفة بالمخاطر بدءا بالأسهم العالمية والسلع. وشهد الاقتصاد الكلي تحسناً ملحوظاً في أميركا، كما استمرت الشركات الكبيرة الناجحة في تحقيق الأرباح في الدول المتقدمة مع بطء طفيف في الصين والأسواق الناشئة، إضافة إلى تراجع حدة خروج بعض الدول الأعضاء في “منطقة اليورو” عن منظومة العملة الموحدة أو تخلفها عن سداد ديونها. علاوة على ذلك، وتحت إدارة مديره الجديد ماريو دراجي، يبدو أن البنك المركزي الأوروبي، على استعداد للقيام بأي شيء ممكن في سبيل خفض معدل الضغوطات الواقعة على الحكومات الأوروبية وعلى نظمها المصرفية، فضلاً عن خفض أسعار الفائدة. وفي حين تشكل هذه التطورات الأخيرة عوامل إيجابية، تبرز أربعة مخاطر كبيرة على الأقل تهدد مسيرة الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي، ما يقوِّض نموه ويلقي بآثار سالبة على ثقة المستهلك وعلى تقلبات أسواق الأصول المحفوفة بالمخاطر. وتتضمن هذه المخاطر دخول “منطقة اليورو” في ركود اقتصادي عميق خاصة الطرفية منها، على الرغم من أنه شمل الآن الاقتصادات الرئيسية حيث تشير آخر البيانات إلى تقلص معدل الإنتاج في كل من ألمانيا وفرنسا. كما زادت حدة تدهور الائتمان المصرفي في وقت تعمل فيه البنوك على بيع أصولها وتقنين الائتمان بغرض تخفيض ديونها، ما أدى إلى تفاقم الأزمة. وفي غضون ذلك، لا تدفع عمليات التقشف الاقتصادي بدول “منطقة اليورو” الهامشية إلى الانهيار الاقتصادي فحسب، بل إن فقدان المقدرة التنافسية سيستمر في ظل توقعات ضعيفة بأن تزيد عمليات التخلف عن السداد غير المنتظمة، من قيمة اليورو. ولاستعادة النمو والتنافسية في هذه البلدان، ينبغي أن تتراجع قيمة اليورو لتتساوى مع الدولار. وبينما مخاطر انهيار اليونان الآن في التراجع، من المتوقع أن تبرز إلى السطح مرة أخرى هذه السنة، في وقت حوَّل فيه عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات المدنية والمزيد من عمليات التقشف المالية، الركود في البلاد إلى كساد. ومن المخاطر الأخرى، علامات ضعف أداء الاقتصاد الصيني واقتصادات آسيوية أخرى، حيث أصبح قدوم بطء النمو الاقتصادي في الصين واقعا لا شك فيه. كما انخفض نمو الصادرات بشكل حاد خاصة في دول “منطقة اليورو” الطرفية، بالإضافة إلى تراجع نمو الواردات أيضاً. وانخفضت استثمارات الصين في القطاع السكني بشكل ملحوظ وكذلك النشاط التجاري في العقارات، نتيجة انخفاض أسعار المساكن. وتراجعت استثمارات البنية التحتية في ظل إرجاء تنفيذ العديد من مشاريع السكك الحديد السريعة، في وقت تعاني فيه الحكومات المحلية والمشاريع ذات الأغراض المخصصة في الحصول على التمويل اللازم، وسط تشديد شروط الائتمان وانخفاض عائدات مبيعات الأراضي. وفي مناطق أخرى من القارة الآسيوية، تقلَّص نمو اقتصاد سنغافورة للمرة الثانية في غضون ثلاثة أرباع عند نهاية 2011، في حين تتوقع الحكومة الهندية نمواً سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى 6,9% خلال 2012، الأدنى لها منذ 2009. كما سقط الاقتصاد التايواني في ركود تكنولوجي في الربع الأخير من 2011، بينما حقق جاره في كوريا الجنوبية في ذات الفترة نمواً قدره 0,4%، وهي أقل وتيرة له في غضون سنتين. أما في اليابان، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بأكثر مما هو متوقع بنحو 2,3% عندما انعكست قوة الين على صادرات البلاد. ومن المخاطر الأخرى، من المرجح زيادة تشديد القيود المالية في الولايات المتحدة في 2012 و 2013 مما يسهم في تراجع النمو كما هو الحال عند انتهاء الفوائد الضريبية التي ساعدت على زيادة معدل الإنفاق في 2011. وعلاوة على ذلك، وفي ظل استمرار الضعف المستشري في أسواق الائتمان والعقارات، يظل الاستهلاك في القطاع الخاص ضعيفاً. وفي حقيقة الأمر، تعكس الزيادة في النمو بنحو 2% خلال الربع الأخير من 2011، زيادة في المخزون وليس في المبيعات النهائية. وفي ما يتعلق بالطلب الخارجي، تساعد قوة الدولار بالإضافة إلى حالة البطء التي تلازم الاقتصاد العالمي و”منطقة اليورو”، في ضعف الصادرات الأميركية، في وقت تعمل فيه زيادة أسعار النفط على رفع فاتورة واردات الطاقة مما يسفر عن المزيد من إعاقة النمو. وأخيرا المخاطر الجيوسياسية التي تحيط بمنطقة الشرق الأوسط بما في ذلك تبادل التهديدات بين إيران وأميركا ومشاكل الحدود. وبينما أثمرت ثورات الربيع العربي في تونس، لم تتضح نتائجها بعد في كل من مصر وليبيا واليمن في وقت توشك فيه سوريا على الدخول في حرب أهلية. كما لا تصب المشاكل الدائرة في العراق بين السنة والشيعة والأكراد، في مصلحة إنتاج النفط. وبعبارة أخرى، هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن تحدث في الشرق الأوسط التي يمكن أن تولد المخاوف في الأسواق ومن ثم الزيادة في أسعار النفط. وبغض النظر عن ضعف النمو في اقتصادات الدول الكبرى وبطئه في عدد من الدول الناشئة، بلغت أسعار النفط بالفعل نحو 100 دولار للبرميل. لكن ربما تقود زيادة المخاوف إلى المزيد من ارتفاع الأسعار ما يسفر عن أثار سلبية تنعكس على الاقتصاد العالمي ككل. وبوجود هذه المخاوف الكثيرة في أماكن متعددة، ليس من المستغرب أن يفضل المستثمرون الاحتفاظ بالسيولة في محافظهم واستبعاد فكرة الدخول في الأصول الثابتة المحفوفة بالمخاطر. وهذا سبب آخر يؤكد على أن يظل الاقتصاد العالمي بعيداً عن تحقيق نمو متوازن ومستدام. نقلاً عن: «إيكونومي واتش» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©