الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أُبَيُّ بن كَعب جمع القرآن في حياة النبي وحفظه عنه

أُبَيُّ بن كَعب جمع القرآن في حياة النبي وحفظه عنه
24 فبراير 2012
منَّ الله علينا ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أنزل عليه أفضل كتبه، ليكون دستوراً للأمة وهداية للخلق ونوراً يستضاء به، ومعجزة للرسول صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم كتاب ختم الله به الكتب، وأنزله على نبي ختم به الأنبياء، برسالة عامة خالدة ختم بها الرسالات، فالقرآن الكريم كلام رب العالمين، وهو الوحي الإلهي والنور المبين، والمصدر الأول للتشريع الإسلامي الحكيم، والمعجزة الناطقة الخالدة إلى يوم الدين، وهو كله فضل وخير، وبركة وهداية للمسلمين، مصداقاً لقول ربنا العظيم: «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ»، سورة الشورى، الآيتان 52 - 53. الأجر العظيم ويسَّر سبحانه وتعالى تلاوته وحفظه:«وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ»، سورة القمر، الآية 17، ورتَّب على تلاوته الثواب الجزيل والأجر العظيم فقال: «إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ»، سورة فاطر، الآيتان 29 - 30، وقال صلى الله عليه وسلم :«من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»، أخرجه الترمذي. وذكر عز وجل أن من صفات المؤمنين أنهم: (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ)، «سورة البقرة، الآية 121»، ومن حق تلاوته: أن يُقرأ مرتلاً مجوداً كما أُنزل، وعلى الطريقة التي تلقاها الصحابة رضي الله عنهم-، من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عنهم أئمة القراءة، حتى وصل إلينا كاملاً سالماً على تلك الكيفية: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، «سورة الحجر، الآية 9»، وللقرآن الكريم منزلة قدسية رفيعة، وفضائل جليلة مهيبة، منشؤها أنه كلام الحق سبحانه وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو العاصم من الضلال لمن تمسك به، واعتصم بحبله المتين. وسنتحدث في مقالنا هذا عن صحابي جليل، وإمام كبير هو الصحابي أٌبيّ بن كعب رضي الله عنه فهو سيد القراء، كما وصفه الإمام الذهبي: (سيد القراء، جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وعرض على النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه علماً مباركاً، وكان رأساً في العلم والعمل، رضي الله عنه). حياته أُبَيُّ بن كَعْب بن قَيْس بن عُبَيْد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي. وَأُمُّ أُبَيّ- رضي الله عنه- صهيلة بنت الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، تجتمع هي وأبوه في عمرو بن مالك بن النجار، وهي عمة أبي طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري زوج أم سليم، وله كنيتان: أبو المنذر؛ كناه بها النبي- صلى الله عليه وسلم، وأبُو الطفيل، كنّاه بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بابنه الطفيل، وشهد العقبة وبدراً، وكان عمر رضي الله عنه يقول: «أُبَيُّ سيد المسلمين». ومن المعلوم أن أُبَيّ رضي الله عنه كان أحد كتبة الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم، وكان رضي الله عنه يختم القرآن في ثمانية أيام، كما كان رضي الله عنه حريصاً على تعليم أبناء المسلمين القرآن الكريم سبب سعادتهم في الدنيا والآخرة. قال أبو نعيم: اختلف في وقت وفاة أُبَيّ، فقيل: توفي سنة اثنتين وعشرين في خلافة عمر، وقيل: سنة ثلاثين أو سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان، قال: وهو الصحيح، لأن زِرَّ بن حبيش لقيه في خلافة عثمان، وقيل: لأن عثمان- رضي الله عنه- أمره بأن يجمع القرآن، (أسد الغابة في معرفة الصحابة 1/64-66). فضائله لقد ورد في مناقب أُبيِّ بن كعب- رضي الله عنه - أحاديث عديدة منها: شهادة نبوية لأُبَيٍّ، رضي الله عنه، عن مَسروق قال:«ذُكر عبدُ الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو، فقال: ذاكَ رجلٌ لا أزال أحُبُّه، سمعتُ النبي، صلى الله عليه وسلم- يقول: خُذوا القرآن من أربعةٍ، من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالمٍ مولى أبي حُذَيفة، ومُعاذِ بن جبل، وَأُبَيِّ بن كعب»، «أخرجه البخاري». عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أرحمُ أمتي بأمتي أبوبكر، وأشدُّهم في أمرِ الله عمر، وأصدَقُهم حياءً عُثمان، وأَقْرؤُهُم لكتاب الله أُبيُّ بن كعب، وأفْرضُهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام مُعاذ بن جبل، ألا وإنّ لكلِّ أمَّةٍ أميناً، وإن أمين هذه الأمة أبو عُبيدة بن الجرَّاح»، أخرجه الترمذي. قراءة الرسول قراءة الرسول، صلى الله عليه وسلم، سورة البينة على أُبَيٍّ رضي الله عنه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأُبَيٍّ: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن)، قال أُبي: آلله سمَّاني لك؟ قال: «الله سمَّاكَ لي»، فجعل أُبَيُّ يبكي، قال قتادة: فأُنْبئْتُ أنه قرأ عليه: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)، «أخرجه البخاري». وفي رواية أخرى عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أيضاً: «أنَّ نبي الله- صلى الله عليه وسلم- قال لأُبي بن كعب: «إنَّ الله أمرني أن أُقْرِئَكَ القرآن، قال: الله سمَّاني لك؟ قال: نعم، قال وقد ذُكِرْتُ عندَ ربِّ العالمين؟ قال: نعم، فذرفت عيناه»، (أخرجه البخاري). معرفته رضي الله عنه- لأعظم آية في القرآن الكريم، وعن أُبيِّ بن كعب،رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم «يا أبا المنذر! أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظم؟، قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا أبا المنذر! أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظم؟، قال: قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، قال: فضرب في صدري، وقال: والله! لِيهْنِكَ العلمُ أبا المنذر»، (أخرجه مسلم). سورة الفاتحة تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم سورة الفاتحة لأُبَيٍّ رضي الله عنه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خرج على أُبيِّ بن كعب، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : «يا أُبيٌّ»، وهو يُصلِّي، فالتفتَ أُبيٌّ ولم يُجبهُ، وصلَّى أُبيٌّ فَخَفَّف، ثم انصرف إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «وعليك السلام، ما منعك يا أُبَيُّ أن تُجِيَبني إذْ دَعوْتكَ؟»، فقال: يا رسول الله إني كُنتُ في الصلاة، قال: «أفلم تجدْ فيما أُوحي إليَّ أنِ (اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)؟»، قال: بَلى ولا أعُودُ إن شاء الله، قال: «تُحِبُّ أن أعَلِّمكَ سُورةً لم يُنْزلْ في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثْلُها؟»، قال: نعم يا رسول الله، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «كيف تَقَرأُ في الصَّلاة؟»، قال: فَقَرَأ أمَّ القُرآن، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ ما أُنْزلَتْ في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وإنها سَبْعٌ من المَثاني، والقُرآنِ العظيم الذي أُعْطِيته»ُ)، «أخرجه الترمذي». لقد فهم المسلمون الأوائل كتاب الله عز وجل، فقدروه حق قدره، واتبعوا هديه، واتخذوه هادياً ومرشداً، فكان نوراً أضاء طريقهم، وسعادة رفرفت فوق حياتهم، حتى بلغوا به ذروة المقام الأسمى، وجلسوا في مكان الصدارة من العالم. فهذه دعوة لأبناء الأمة بضرورة العودة إلى كتاب ربهم، قراءة، وتدبراً، وعملاً حتى نكون من السعداء إن شاء الله في الدنيا والآخرة. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©