الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا وأميركا.. علاقات حافة الهاوية

3 مارس 2018 22:59
أدى الاتهام الموجه ضد 13 روسياً وثلاث منظمات روسية بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016 إلى إثارة غضب المسؤولين الكلاسيكيين في الولايات المتحدة. وقاد الديمقراطيون، الذين يتربصون بالرئيس دونالد ترامب ويترصدون له الطريق، يتبعهم بعض المحافظين الجدد الحريصين دائماً على تحفيز الأزمة القادمة، الحملة التصعيدية في هذا الموضوع. وقال النائب الليبرالي «جيرولد نادلر» (ديمقراطي -نيويورك) إن هذا «عمل حرب يعادل» الهجوم على بيرل هاربر. وبنفس النغمة، قال الكاتب توماس فريدمان، في صحيفة نيويورك تايمز: «هذا حدث يشبه في تأثيره أحداث 11 سبتمبر أو الهجوم على بيرل هاربر». وكتب الكاتب روبرت كوتنر أنه إذا كانت جهود روسيا ناجحة كما يقول الاتهام، «فهذا يعني أن ترامب حرفياً أصبح رئيساً نتيجة لانقلاب تم برعاية روسية». وهنا يتعين الانتباه بشدة. إن بطاقات التصويت ليست كالقنابل، وإعلانات الفيسبوك ليست معادلاً للطائرات التي اخترقت مركز التجارة العالمي. والإصابات الناجمة عن التدخل الروسي في انتخاباتنا بعيدة تماماً عن الآلاف الذين فقدوا خلال الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، أو في الهجوم على ميناء بيرل هاربر. والجهود المفصلة في لائحة الاتهام – نشر إعلانات على الفيسبوك بقيمة 100 ألف دولار، أي أكثر من نصف ما تم إنفاقه بعد الانتخابات، بالإضافة إلى بعض التجمعات التي لم يحضرها سوى عدد قليل، لا تشكل انقلاباً. وحيث إن ولايات ويسكونسن وميشيجان وبنسلفانيا هي ولايات حيوية لفوز المجمع الانتخابي للرئيس ترامب، فقد ذكرت جلسة استماع في مجلس الشيوخ أن المبلغ الإجمالي الذي أنفق على الفيسبوك مستهدفاً ولاية ويسكونسن كان «1.979 دولار فقط؛ وتم إنفاق المبلغ بأكمله باستثناء 54 دولار قبل انتهاء الانتخابات التمهيدية. وبالطبع، قد يتم الكشف عن المزيد فيما بعد. فالفضاء السيبراني هو الساحة الجديدة للتدخل في الانتخابات والتضليل الذي أصبح بشكل بشع روتيناً ونشاطاً سرياً للقوى العظمى. وكما يعلم المنتقدون، فإن الولايات المتحدة وروسيا سبق لهما التدخل في الانتخابات في الخارج لسنوات، سواء سراً أو علناً. وذكر «ستيفين هول»، الرئيس السابق لقسم العمليات الروسية بوكالة الاستخبارات المركزية، لصحيفة «نيويورك تايمز» أن الولايات المتحدة «بالتأكيد» نفذت عمليات كهذه للتأثير على الانتخابات على مدار التاريخ «وآمل أن نستمر في القيام بذلك». وتنبع هذه الهيستيريا من الآثار المريرة المترتبة على انتصار ترامب المذهل والمزعج في 2016. وحدث هذا بشكل غير متوقع وبفارق ضئيل، فقد خسر ترامب التصويت الشعبي، لكنه فاز في المجمع الانتخابي، بإجمالي 80 ألف صوت في ثلاث ولايات، ما أحدث الفارق، مما يلقي باللوم في هذه الهزيمة على أي شيء تقريباً، بما في ذلك المستوى العادي للتدخل الروسي الذي اتضح حتى الآن. بيد أن أقل من 12 إعلاناً على الفيسبوك في ولايتي ميشيجان وويسكونسن مجتمعتين (أغلبيتها شاهدها أقل من ألف مستخدم) ربما لم يكن لها تأثير جازم. وفي الواقع، إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صرح بهذه العملية، ربما كان قد رآها كرد انتقامي على التدخل الأميركي في الانتخابات في جورجيا وأوكرانيا وروسيا. إن قرار الاتهام الذي أصدره مولر يشير إلى أن العملية بدأت في عام 2014، أي بالتزامن مع تورط الولايات المتحدة في الإطاحة بالرئيس الأوكراني المنتخب ديمقراطياً «فيكتور يانوكوفيتش». وكما هو الحال مع ترامب وغيره، فقد افترض بوتين أن هيلاري كلينتون ستفوز بسهولة في الانتخابات. لكن خسارتها جعلت التدخل السيبراني الروسي، كما كتب المحرر الأميركي المحافظ روبرت ميري، نقلاً عن تاليراند، «أسوأ من مجرد جريمة، إنه خطأ فادح». ويأتي هذا الخطأ الفادح فيما أصبحت العلاقات الأميركية الروسية محفوفة بمزيد من المخاطر. فالولايات المتحدة ترسل أسلحة إلى أوكرانيا لمواجهة القوات المدعومة من روسيا، وهو الأمر الذي آثر الرئيس باراك أوباما بحكمة ألا يفعله. كما تجري قوات «الناتو» بقيادة الولايات المتحدة تدريبات غير مسبوقة في منطقة البلقان على طول الحدود مع روسيا. هذا علاوة على أن حلفاء ووكلاء الدولتين يقصفان بعضهم البعض في سوريا. وقد اعترفت روسيا مؤخراً بأن القوات الأميركية قتلت مقاولين روساً يساعدون القوات الحكومية السورية هناك. إن العثور على طريق العودة من حافة الهاوية لن يكون سهلاً، لكن الحد من الهيستيريا والتفكير بتعقل سيكون مفيداً كخطوة أولى. وهؤلاء الذين يهتمون بديمقراطيتنا يجب أن يكونوا حذرين من إثارة حرب باردة جديدة. *رئيسة تحرير مجلة «ذا نيشن» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©