الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بعد الطلاق.. حرب سلاحها كشف الأسرار

بعد الطلاق.. حرب سلاحها كشف الأسرار
4 يناير 2013 13:53
كل من يقف في ممرات المحاكم، ويفتش بين أوراق ملفات القضايا، يسمع بالكثير من القصص الواقعية لأزواج بعد حصولهم على الطلاق يقومون بـ”نشر غسيل” الطرف الثاني، بعضهم يكون دافعه الأول هو الانتقام، أو من باب تشوية سمعة الثاني، أو لكسب تعاطف الآخرين، أو ربما لتحطيم حياة آخر، وبما أن هذا التصرف سلوك غير حضاري، وينم عن سلوكيات خاطئة وانتقام يدمر صاحبه بالدرجة الأولى، إلا إنها حقيقة تظهر مدى جودة معدن الزوجين. (أبوظبي) - تهم يتبادلها المطلقون، كل يلقي باللوم على الآخر، فالمرأة غالبا ما تقوم بنشر أسرار الطرف الآخر، ووصفها بدقة متناهية، كنوع من الانتقام ممن أهانها بين أهله وأصدقائه، بينما الرجل يعمد إلى التشهير بطليقته، ليدفع عن نفسه صفة الظلم، وهكذا تدور حرب بين الطرفين سلاحها الأسرار ليرد كل طرف الاعتبار لنفسه، وليشعر الآخرين بأنه ضحية هذا الزوج، فتهون العشرة، وتتأثر سمعتهما كما تتأثر نفسية الأطفال. تجارب واقعية تزوج عليها ثانية ولم تعلم إلا بعد مرور عدة أشهر، ومن باب الانتقام من زوجها طلبت الطلاق وتم لها ذلك، ولكن حتى تنغص حياته الزوجية الجديدة لم يهنأ لها بال إلا بعد أن أكدت للزوجة الثانية أن الزوج يعاني عجزاً جنسياً، وهي لحد الآن لم تنجب منه أبناء. وتقول فاطمة “أهله وأصدقاؤه، كانوا يعتقدون أنني غير قادرة على الإنجاب هو طلب مني ذلك حتى لا يكون رجلا عاجزا أمامهم، ولكن عندما فاض الكيل واكتشفت زواجه الثاني لم أتحمل الخبر الذي وقع علّى كالصاعقة. ففضحت سره”. والمرأة بطبيعتها حين تحب، فإنها تحب من كل قلبها، وحين تكره، تكره من قلبها وبكل جوارحها، ويوم يغدر بها الزوج فإنها لا تتوانى عن الثأر ممن أساء إليها وردّ الاعتبار لكبريائها الذي جرح، وكرامتها التي أهدرت بالانتقام، فتلجأ إلى كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة حتى تثأر لنفسها. والرغبة في الانتقام تختلف من امرأة لأخرى، وعن انتقام جود حسين من طليقها، تقول إنها فعلت الكثير لكي تذيقه طعم الألم، ولم تجد ذلك إلا في حرمانه من ممارسة حق الزيارة لرؤية أولاده، إضافة إلى دعاوى عدم النفقة”. وقد تكون جود ليست المرأة الوحيدة التي تعبر عن حقد دفين في صدرها، وهي ليست المرأة الوحيدة المؤيدة لفكرة الانتقام من الزوج، حيث تؤكد “من الطبيعي أن تنتابنا رغبة في الرد على من أساء إلينا عن قصد، وما قمت به هو أقصى ما يمكن فعله وهو الرد عليه بالمثل”. من جانبه، قام موسى طالب بفضح زوجته أمام صديقاتها وزميلاتها في العمل، حيث قام بالاتصال بإحداهن ليسرد لها أسباب طلاقها منه. ويقول “حاولت بشتى الطرق أن أحفظ العشرة التي بيننا لكن هي لم تراعي ذلك، بل أظهرت كل أسراري الزوجية أمام الملأ، ومن باب الانتقام منها قمت بالاتصال بصديقتها، وأوضحت حقيقتها طلاقها أنها زوجة بها الكثير من العيوب الجسدية والنفسية”. ضعف الشخصية يجد الموظف حسن أحمد (متزوج) أن مثل هذه الأشياء تحدث من النساء بغرض الانتقام من الزوج وتنغيص حياته، وتشويه صورته أمام أطفاله بشتى السبل غير مبالية بالعواقب أو النتائج. ويضيف “تتعدد أسباب هذا السلوك، كما إن للحزن والقهر دوراً في فضح الطرف الآخر كي لا يرتبط بعده، وعموما من يظلم طرفا خلال الزواج، فمن الطبيعي أن يستمر في ظلمه حتى بعد الطلاق من خلال تشويه سمعته. ويصف من يقوم بنشر غسيل الطرف الآخر بأنه ضعيف الشخصية وأناني، ولا يملك أدنى ثقة في نفسه ويستحق الانفصال طالما يتحدث عن كل صغيرة وكبيرة في حياة شريكه حتى أبسطها وأكبرها، مطالبا كل من يقدم على الطلاق بإخفاء أسبابه، وعدم الخوض في التفاصيل. وتؤكد شما المحرمي (متزوجة) أنه يجب ألا تُلام الزوجة على نشر غسيل زوجها بعد الطلاق، فما تفعله يعد محاولة لتبرئة نفسها من أي اتهام، وهي تعمل على أن تشعر الآخرين بأنها ضحية هذا الزوج، وأنها مغلوبة على أمرها ولا يد لها في هذا الطلاق الذي حصل لها. وتتابع “من المستحيل أن تهدم زوجة بيتها بنفسها، فالشخص الكتوم لا يمكن أن يفضح أسرار الآخر، بينما الشخص الثرثار بطبعه لن يقوم بإخفاء شيء، ولذلك فالحديث مجرد فضفضة لا غير، والرجل بطبعه لا يميل إلى الثرثرة، لذلك من النادر وجود رجل يتحدَّث عن أسباب انفصاله من زوجته وسط مجموعة من الناس، وإن وجد فهناك قلة قليلة من أزواج عديمي الضمير، الذين هانت عليهم العشرة والأبناء”. أضرار نفسية هذه السلوكات التي تحدث بين الزوجين بعد الطلاق لها تداعياتها الاجتماعية والنفسية خطرة وتضاعف البغضاء والشعور بالكراهية بين رجال ونساء، كان بينهم في يوم من الأيام مودة وحب وتعاون. في هذا الصدد، يوضح أستاذ مساعد بجامعة الإمارات الدكتور سيف المحروقي “بعض الأزواج يسيئون استخدام حق الطلاق، ويلحقون أضرارا نفسية واجتماعية بمن كن زوجاتهم، من باب التنكيل وهؤلاء مخطئون مهما كانت مبرراتهم، وليس معنى ذلك أن تشهر المطلقة بمطلقها بعد الانفصال، ولا أن يفسد الرجل حياة مطلقته إذا ما ارتبطت بزوج آخر”. ويرى المحروقي أن الذين يتسابقون في التشهير، يعانون ضعف الشخصية وضعف الإيمان، لأن تعاليم ومبادئ ديننا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة تجرم هذا السلوك، وإهانة الآخر لو حدث الطلاق لا تجوز لأي من الزوجين، كما لا يجوز إفشاء أسرار العلاقة الخاصة، فالإسلام قد أحاط العلاقات الزوجية بسياج من القدسية. ويضيف “لا يشهر بزوجته إلا إنسان بلا أخلاق، فلا يوجد عاقل لديه مروءة وشهامة ينشر أسرار زوجته وما حدث بينهما من خلافات حتى ولو أساءت إليه، فالحياة الزوجية تلزمهما بالاحترام المتبادل حتى بعد الطلاق، فقد أوصى الإسلام بالحفاظ على الأسرار سواء ما يخص العلاقات الخاصة، أو ما يتعلق بأمور الأسرة بصفة عامة، فعلى كل طرف أن يحافظ على سر الآخر ويحترم خصوصياته، فالإسلام دين العفة والكرامة يعتبر إفشاء الأسرار الزوجية سلوكاً قبيحاً”. وتتفق معها في الرأي الاستشارية النفسية والأسرية عائشة سيف، وتقول إن “نشر الغسيل غير المرغوب فيه بعد الطلاق بدون مراعاة العشرة بين الطرفين والأطفال خسارة للطرفين. وتضيف “من خلال ما تصلني من حالات زوجية كانت لها تجارب حول هذا الموضوع، فإني أرى من خلال شكوى الكثير من الأزواج أن مطلقاتهم يقمن بهذا السلوك رغبة منهن في استعطاف أطفالها، أو تسميم أفكار ومشاعر الطفل بأشياء سلبية تجاب الأب في محاولة منها للانتقام والثأر خاصة إذا لم تكن راغبة في الطلاق متناسية أو متجاهلة أنها تخرج للمجتمع أجيالا مضطربة، مكتئبة، عدوانية، فاقدة للأمان النفسي”، لافتة إلى أن ما يقوم به الأزواج من هذا التصرف إنما يرجع للتركيبة النفسية والاجتماعية والبيئة التي تربي فيها، فإذا كانت التربية مستندة إلى وازع ديني وأخلاقي فلا بد أن تكون قيم التسامح فيها هي السائدة، وبالتالي تتراجع لديهم النزعة الانتقامية والعكس صحيح، مطالبة الأزواج بأن يهدئوا من انفعالاتهم، فينسحب من حياة الآخر بكل احترام صيانة للعشرة التي كانت تجمعهما وحماية لنفسية أولادهما، وحتى يستطيع كل طرف أن يبدأ حياة جديدة، لأن التشهير المتبادل يدمر حياتهما معاً، فالمرأة التي تشهر بطليقها والزوج الذي يفضح مطلقته على الملأ لن يجدا من يرتبط بهما مستقبلاً، وكل هذه التصرفات لا يرتكبها إلا من يعانون مشكلات نفسية وعقد. تشويه الآخر من واقع خبرتها في القضايا الأسرية، تقول المحامية والمستشارة قانونية الدكتورة إيمان الجابري إن هذه الظاهرة موجودة بكثرة في أروقة المحاكم، فما أن يقع الطلاق بين الزوجين حتى يسارع كل طرف في كشف العيوب والأسرار، فكلاهما يحاول أن يظهر للآخرين أن صورته جميلة أمام الأهل والمقربين، لافتة إلى أن أحدى الزوجات اتهمت زوجها بالعجز الجنسي وأخرى بالخيانة الزوجية، وثالث يصف زوجته بالبرود الجنسي والبخل. وتضيف “هكذا نجد كلا الطرفين يستخدم كل الوسائل لتشويه صورة الآخر، وأكثر شيء يشهر به الأزواج هو الخيانة، وبعدها يأتي الضعف الجنسي وهو السيف الذي تلوح به النساء لمعايرة الرجال”. وتوضح “المرأة أكثر تضررا في تلك الحروب، حيث تتحول بعدها إلى امرأة سيئة السمعة، الأمر الذي يقلل من فرصها في الزواج إن لم يعدمها تماما، لكن بعض الرجال نراهم حريصين على ألا يكشف أسرار زوجته خاصة إذا كان لديه منها أبناء، حيث يخاف على سمعتهم”، داعية الطرفين إلى حل المشكلات بهدوء بعد الطلاق عملا بأمره تعالى “فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©