قضايا حافلة بأزمة أخلاق يدفع ثمنها أطفال في عمر الزهور وفي زمن تفككت فيه القيم الإنسانية وتبعثرت وتلاشت متوارية خلف ضبابية المفاهيم الاجتماعية، أصبح من الضرورة أن يتدخل أصحاب القرار التربوي، وأن يضعوا أصابعهم على الجروح الدامية لحماية براعم المستقبل من أنياب الوحوش الضارية.
ويأتي قرار هيئة الطرق في دبي بإلزام المدارس على اعتماد المشرفات كحراس قيم وأخلاق، أمرا بالغ الأهمية والجدية، ولا أعتقد أن مخالفة مثل هذه الضوابط تحتاج إلى أسئلة تثير الصداع، لأنه لا شيء في الواقع أغلى من فلذات الأكباد، والمساس بهم هو طعن في صميم القيم الاجتماعية، الأمر الذي يستوجب أخذ الأمور بحزم وحسم، وجزم، للجم كل من تسول له نفسه الاعتداء على رأسمال الوطن ورصيده الإنساني والحضاري وكبح جماح من فَقَدَ الأخلاق، وعلبها في أكياس مهترئة.
فالإمارات اليوم بلد فتح الآفاق واسعة ولا نستطيع أن نقول إننا مجتمع ملائكة، فنحن بشر ونتعامل مع بشر، هؤلاء الناس فيهم الصالح وفيهم الطالح، والصالحون يحتاجون إلى أدوات ردع حاسمة لا تسامح ولا تمازح ولا تطرح ولا تقسم، بل تضع الأمور في نصابها الصحيح، لتصحيح سلوكيات جاء بها أصحابها من مجتمعات اختلط فيها الغث بالسمين، جاءت محملة بأوزار ثقافات لا مبالية ولا تحسب للقيم ولا للمشاعر أي حساب.
نشكر هيئة الطرق في دبي على هذا السلوك الحضاري، ونذكر كل من لديه خطة مشابهة بأن يبادر في أقصى سرعة، فالزمن لا يعيد عقاربه إلى الوراء، وحدوث أي جريمة بحق أطفالنا يكلف المجتمع ثمناً باهظاً ويترك جرحاً لا يندمل، ويضيف إلى المآزق مأزقاً جديداً.
نريد أن يصبح القرار سيادياً، يعم التضاريس والجهات الأربع في بلادنا وألا يقتصر على إمارة دون أخرى، لأن المسألة تتعلق بالمصير وترتبط بمستقبل أجيال، حلمها لا يتجزأ ولا يستثنى، وأنا أعرف أن بعض المدارس في بعض الإمارات تعتمد على حافلات متهالكة قسى عليها الزمن ويجلس عند مقودها كائن بشري نظراته لا تبشر بخير، نعرف ذلك ونشاهده ونشعر بالألم، والقلق يدهمنا والخوف يستولي علينا، لأننا نخاف على كل طفل تنقش قدماه الصغيرتان تراب وطننا الحبيب.
نخاف ويحق لنا أن يسكننا هذا الشعور، لأن المسألة لا تحتمل القسمة على اثنين، ولا يحتمل نتائجها المجتمع الذي وضع جل إمكانياته من أجل إسعاد الإنسان وإدخال الفرحة إلى قلبه، وجعله يعيش مميزاً في كل شيء، فلا ندع ثغرة واحدة تعكر مياه النهر، ولا نترك غلطة مفاجئة تشوه اللوحة الرائعة في مشهد الإمارات الناصع.


Uae88999@gmail.com