تزامن نشر مقالة الأسبوع الماضي مع تكشف وقائع خطيرة تتعلق بالتخريب الاقتصادي، إذ تعددت وسائل التحضير للجولة الثانية من «الربيع العربي»، الذي يرتكز على هذا التخريب في ظل ظروف غير مواتية بسبب توقف الأنشطة الاقتصادية الناجم عن جائحة كورونا، وكذلك الانخفاض الكبير في أسعار النفط، والذي ترك آثاره على اقتصادات دول المنطقة، إلا أنه يُلاحظ، بأن التأثيرات كانت أشد وطأة في بلد المنشأ، إذ ربما تعتبر أنشطة «الفاشينيستا» وغيرها من الأنشطة التخريبية، قد بدأت في التأثر السلبي بالاقتصاد المحلي. 
وبفضل جهود الأجهزة الأمنية في دول الخليج الأربع، يمكن القول بكل ثقة إن الجولة الثانية من «الدمار العربي» التي روجت لها «الدويلة» من خلال قناة «الجزيرة» ووسائل إعلام إقليمية، بما فيها «حزب الله» اللبناني المشترك في هذه الجريمة، من خلال غسيل الأموال وتهريب المخدرات، قد ماتت في مهدها، فبالإضافة إلى الإجراءات الكويتية الصارمة ضد مختلف أشكال التخريب، فقد اتخذت السعودية أيضاً إجراءات مشددة أدت إلى توقيف عدد من «الفاشينيستا» وتجميد أنشطتهم، وكذلك عمدت إلى ذلك الإمارات والبحرين.
وبمثل الجولة الأولى، فإن اللعبة للجولة الثانية قد انكشفت وتعرت قبل أن تبدأ، وحولت المتهمين للقضاء في الدول الخليجية ليقول كلمته، علماً بأن بعض «الفاشينيستا» على ارتباط بالخارج، حيث يتضح ذلك من خلال الاجتماعات الدورية للنشطاء في دولة صغيرة تدعم التخريب، والذين يتلقون الأوامر والدعم المالي للإسراع بالتحضير للجولة الثانية، في حين أن هناك مجموعة من «الفاشينيستا» السذج الذين لم يستوعبوا حجم الضرر الاقتصادي والاجتماعي الذي يمكن أن يتسببوا به لأوطانهم، إلا أن ذلك لا يعفيهم من المحاسبة، «فالقانون لا يحمي المغفلين».
هنا يبرز تساؤل طالما تردد على مسامعنا، ماذا تريد هذه الدولة الصغيرة؟ ولماذا هذه الأعمال؟ ومع أنه من الصعب تقديم إجابة شافية، إلا أن عملية التدمير التي تستهدف دولنا تتضمن التنسيق بين قوى مختلفة، ضمن هذا البرنامج هناك دور الممول، في حين هناك دور المحرض تقوم به قوى أخرى، ودور ثالث لقوى تقود أعمال العنف وإثارة الشغب، حيث اتضح توزيع الأدوار هذا في الجولة الأولى من «الربيع العربي».
الغريب في الأمر أن أنشطة «الفاشينيستا» اقتصرت على الدول الخليجية الثلاث ولم تشمل بلد الممول، إلا من خلال أنشطة فردية بسيطة قام بها أشخاص من غير المواطنين وبصورة محدودة، ربما للتغطية على الأعمال في الدول الأخرى، علماً بأنه تتوفر هناك سيولة نقدية كبيرة تتيح إمكانيات كبيرة لأنشطه «الفاشينيستا»، إلا أن ذلك لم يحدث، حيث حددت نشطتهم ضمن الأهداف المرسومة فقط.
والحال، فإنه من المهم أن يتم العمل على حماية الاقتصادات المحلية، فالتخريب الاقتصادي أضحى أحد أهم وسائل وأدوات الصراع في الوقت الحاضر، والذي يمكن أن يؤثر في أمن واستقرار الدول، حيث تشير البيانات إلى أن هناك 830 شركة بالكويت معرضة للإفلاس بسبب عدم استلام مستحقاتها من «بوتيكات» الشركة القائدة للفاشينيستا، كما أصبح من الضرورة بمكان إصلاح الأضرار التي تسببت بها هذه الظاهرة الطارئة وغيرها من الأعمال غير المشروعة، إذ أن هناك أضراراً اجتماعية وأخلاقية أخرى لهذه الظاهرة، ففي أحد البرامج التلفزيونية الخليجية المخصصة للأطفال، سأل مقدم البرنامج طفلة عن طموحها المستقبلي، هل تحب أن تصبح مهندسة، عالمة أم طبيبة؟ فأجابت بعفوية الأطفال، «أريد أن أصبح فاشينيستا»! فالأمر لا يقتصر على الجانب الاقتصادي، وإنما تعداه إلى تدمير عقول الأجيال القادمة وتحويلهم إلى عالة على مجتمعاتهم، بدلاً من أن يكونوا مؤهلات علمية مبتكرة ومبدعة للمساهمة في تقدم أوطانهم وتنميتها، وهو أمر خطير وبأبعاد تدميرية بعواقب مؤلمة، مما يتطلب الانتباه لحماية المجتمع من كافة عمليات التخريب الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي.
*مستشار وخبير اقتصادي
 
  وأخواتها!