السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

طلال سالم: الإبداع رسالة إنسانية وفكرية

طلال سالم: الإبداع رسالة إنسانية وفكرية
9 يناير 2020 01:43

محمد عبدالسميع (الشارقة)

ينسجم الشاعر الإماراتي طلال سالم مع النَّفَس الشعري للقصيدة العموديّة؛ في حالة من الاحتفاء بالذات، مراهناً على دفقاتها الجميلة، في التعبير عنه، ومستفيداً من ثقافته والحسّ الأصيل لموسيقى نشأ معها، محاولاً أن تتخلل هذه القصيدة أفكاره الخاصّة ومفرداته السلسة، قارئاً «الغيم»، و«الروح»، و«الورد»، و«الحُلم»، و«العشب»، من خلال مرسال «الريح»، في نوعٍ من الاحتفال بالتفاصيل في لونٍ من العتاب الشفيف.
ويعتمد الشاعر طلال هذه التوليفة، مستفيداً من نشأته الأصيلة على ديوان العرب، وأدب الرحلات، وهو ما اتجه به إلى الاختلاط الواسع بالشعراء، ومع ذلك لم يكن ليضحي بأسلوبه، بقدر ما يحاول أن يصنع بَصْمته من خلال الإعلام، هذه النافذة الواسعة والمطلّة على العديد من التجارب التي تتلاقى أو تتضاد أو تتصالح مع مفردة الراهن، ضمن موسيقى الخليل بن أحمد الفراهيدي، ولذلك فقد نأى الشاعر طلال عن شكليات النظم إلى جوهر القصيدة، مدركاً بذكائه الفرصة الذهبيّة للإمساك بجذوة الحرف في الصور الفنيّة التي تكتنز بها القصيدة الأولى التي أبدع بها روّادها في العصور العربيّة الأولى وما تلاها، فكان أن تعددت مواهب شاعرنا وفرض ثقافته من خلال دواوين ثلاثة، هي: «حتى نعود»، و«خرير الماء»، و«برزخ الروح»، وهي عتبات مهمّة لنصوص قدّمته إلى منصّة التكريم في مهرجان الشارقة للشعر العربي الذي ينطلق في الخامس من يناير الجاري.
ويجد الشاعر طلال سالم في جائزة الشارقة للشعر العربي تقديراً كبيراً ومهمّاً في مواصلة مشواره الإبداعي؛ خصوصاً وهو يتحصّل على الجائزة من صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والمعروف عنه إيمانه الحقيقي بعطاء الشباب الإبداعي؛ ليضع بذلك الشاعر أمام مسؤوليّته في فرض نفسه على الساحتين: الثقافيّة والإبداعيّة.
ويبرز ملمح التجديد ضمن القصيدة العموديّة، من خلال أسماء الدواوين التي أصدرها طلال سالم، المولود عام 1978 في الشارقة، والذي انطلق صوته عام 1997من خلال بيت الشعر في الشارقة؛ هذه المنارة التي يعتبرها مكاناً لالتقاء النقد بالكلمة والأفكار الإبداعيّة والمواضيع والمشاعر، كسوق كبير لكلّ التجارب الإبداعية في الإمارات والخليج والوطن العربي كلّ عام.
ويرى الشاعر والإعلامي سالم، عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات والمدير الأسبق لكلٍ من نادي الشعر في الاتحاد وبيت الشعر بالشارقة، ومقدّم العديد من البرامج التلفزيونية،.. أنّ الشعر العربي غنيٌّ بمدارسه ومشاربه الفكرية وتقنياته الأدبية، مثمّناً دور المؤسسة الثقافيّة العربية، وتحديداً في الإمارات في عنايتها واستثمارها بالشعراء من خلال بيوت الشعر على طول خريطة الإبداع العربي؛ لتكون هذه البيوت ولوداً بالأسماء الجديدة، التي ينبغي عليها أن تواصل مسيرتها وألا تقف عند حدّ معيّن في عالم الشهرة أو السطوع الإعلامي. سالم، الذي يحمل في جانب من جوانبه تراثاً حقيقيّاً ويشتمل على قصيدة تراثيّة مؤجّلة، يثق كثيراً بعطاء إمارة الشارقة من خلال توجيهات صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، معتبراً الإبداع رسالةً إنسانيّةً وفكريةً وتعبيراً عن جوّانيات الناس ومشاعرهم، كرسالة سامية عظيمة لها شروطها الفنيّة، وتحمل روح صاحبها لتكون مرآة روحه دون تصنّع أو تكلّف، ولذلك فهو يعتبر مجموعته «حتى تعود» الصادرة مطلع الألفية بمنزلة المجموعة الشعريّة الحقيقيّة التي أهّلته لأن ينطلق في بناء هويّته الشعريّة، بعيداً عن التقليد أو محاكاة غيره في كتابة القصيدة، مؤكّداً دور هذه المجموعة بقوله: «فعلاً، لقد عرّفتني على الشعراء، وعرضتني عليهم بشكل متميّز ومختلف، وأعتبرها الخطوة الأولى لكلّ ما تمّ بناؤه بعد ذلك؛ فالقاعدة مهمّة جداً لثبات وتأكيد تجربة الشاعر».
ويجد أنّ الجائزة تعطي للشاعر دائماً شعوراً معنويّاً كبيراً، خصوصاً في الشارقة التي ما تزال ماضيةً في مشروعها الثقافي والفكري والأدبي والفنّي، وهي تجمع تجارب ثريّة ونوعيّة متعددة، «فنحن دائماً في خير، ما دمنا نعمل على الشعر والسلام والعاطفة، وما نراه ونريده في هذه الحياة، وكلّ ذلك يصبّ في بناء الإنسان والنظرة إلى المستقبل المشرق، الذي هو أساس رسالة الشعر». ويرى سالم أنّ تكامل بيوت الشعر داخل الإمارات، مثل: بيت الشعر في الفجيرة، وأبوظبي، ودبي، والشارقة، لا بد وأن يؤتي ثماراً نوعيّة ويحقق هدف الرسالة النبيلة المتوخّاة في بناء تجربة الشاعر والعناية بالتفاصيل الإنسانية للشعر والهويّة والبصمة الحقيقيّة للشعراء. وختاماً، يظلّ الشاعر في مشوار لا ينتهي مع الاحتراف، والاحتراق اللذيذ وهو يلعب بنار القصيدة، وتظل سيرة الشعراء تكبر وتتوهّج وهم يتوالون على منصّات التكريم ويحصدون الجوائز بسببٍ من إبداعهم ومواظبتهم على ولوج عوالم جديدة، وفتح منافذ مضيئة نحو الحياة والذات والإنسان، وتلك هي الرسالة السامية للشعر والشعراء.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©