الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد الرحمن الحمادي: أيماني بأهمية التعليم هون علي غربتي في رمضان

عبد الرحمن الحمادي: أيماني بأهمية التعليم هون علي غربتي في رمضان
23 يوليو 2014 23:28
بين تحقيق الطموح والبعد عن الديار تباين شعور الكثير ممن يريدون أن يحصلوا على أعلى الدرجات والمناصب، وهو ثمن يدفعه المغترب من وقته وحنينه إلى أهله ووطنه. وتتضاعف هذه القسوة في فقدان روحانية شهر رمضان المبارك، حيث تتأجج مشاعر الحنين والشوق لقضائه وسط الأهل، فيكون البديل أن يتقاسمه مع العديد من المغتربين الذين يدرسون خارج الوطن، ويحاولون التعايش بقدر الإمكان مع الأوضاع الجديدة وهم بعيدين كل البعد عن لمة العائلة، ومنهم الدكتور عبد الرحمن جاسم الحمادي، الذي تغرب عن وطنه لأكثر من خمس سنوات في طلب العلم، ليعود برسالة الماجستير في «العلوم الإدارية»، ورسالة الدكتوراه في «إدارة الجودة في مؤسسات التعليم» من جامعة نيوساوث ويلز في بريطانيا. غربة حقيقية وجد الحمادي أن السنوات التي قضاها في الغربة كانت مزيجاً عجيباً، خاصة في أيام الشهر الفضيل، حيث استطاع خلال فترة الدراسة أن يصنع مزيجاً رائعاً من العادات والتقاليد التي ترتبط بشهر الصوم وتسكن حنايا ذاكرته ليتقاسم هذه الطقوس مع مختلف المبتعثين من معظم الدول في بيئة ذات ثقافات مختلفة، ونسج لوحة رمضانية رائعة تليق بروعة هذا الشهر الفضيل في بلاد الغربة. ويؤكد الحمادي أن الأجواء الرمضانية في الغربة تختلف اختلافاً كبيراً عن الأجواء الرمضانية في الإمارات، وهذا ما اكتشفه مع بداية عام 2003، حيث بدأت رحلة العلم والتعلم واكتساب الخبرات والمهارات للحصول في بادئ الأمر على الماجستير في «العلوم الإدارية»، حيث كانت هذه هي بداية الغربة الحقيقية له، وقضاء أول رمضان بعيداً عن الأسرة والتجمعات والزيارات العائلية، لكن بعد الانتهاء من رسالة الماجستير لم تتوقف طموحات الحمادي، بل واصل مسيرته العلمية واستكمل دراسته للحصول على الدكتوراه التي كانت تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد، وكان ذلك على حساب الابتعاد عن الوطن والأهل، ولكن في سبيل الإمارات الحبيبة كانت تهون تلك الصعاب. ودرس الحمادي في بريطانيا بجامعة نيوساوث ويلز، وقد افتقد الوطن خاصة في شهر رمضان المبارك، حيث كانت تتأجج المشاعر لكل الطقوس الرمضانية والأجواء العائلية التي يفتقدها الحمادي بين أفراد أسرته، لكن مع وجود الكثير من الشباب المغترب وتواصلهم الدائم خلال صلاة التراويح في مسجد الجامعة خففت معاناة الغربة. إلى ذلك، يقول الحمادي «تعتبر الجامعة التي درست بها الجامعة الوحيدة التي يتوافر بها مسجد لأداء الصلاة، وكان توافد الكثير من الطلبة لأداء صلاة التراويح يخفف من حدة الشعور بالغربة. كما أن الجو الأسري الذي نعيشه خلال وجود كم كبير من الطلبة المسلمين من مختلف الجنسيات خفف من أوجاع الشوق والحنين للوطن والأهل، حيث كان التجمع الشبابي مثل لوحة جميلة أساسها التعاون والتألف والانسجام بين مختلف الجنسيات والثقافات». سفرة رمضانية يذكر الحمادي أن الصيام في بريطانيا كان يستغرق أقل من 10 ساعات، وخلال هذه الفترة وبعد الانتهاء من المحاضرات في الجامعة، نتفرغ لإعداد الأكلات الرمضانية، ويقول بعد الانتهاء من صلاة التراويح في أول يوم من رمضان، سمعت من الشباب مقترحاً بأن نجمع مبلغاً من المال لشراء بعض الأدوات لعمل سفرة رمضانية تحتوي العديد من أصناف الطعام، ورغبه مني في المشاركة فقد اقترحت أن أسهم في ذلك من خلال المشاركة بالمال، إلى جانب أن أكون المشرف على فريق العمل بشكل يومي، على أن يكون هناك جدول يطبقه 45 شخصاً من المشاركين من خلال إعداد السفرة الرمضانية، إلى جانب توزيع الأعمال عليهم بين تنظيف الأواني في المطبخ، إلى تقطيع الخضراوات، إلى طبخ الأكلات وشراء المستلزمات الرمضانية، بالإضافة إلى ذلك لم يقتصر عمل الحمادي على الإشراف فقط، بل كان أيضاً يسهم في إعداد أكلات إماراتية خاصة «مجبوس الدجاج» و«صالونة اللحم مع الأرز الأبيض»، وكانت تلك الأطباق الإماراتية تخرج من يديه بنكهة ومذاق مختلف. كما كان ينظم عملية الإفطار بين الشباب المغترب من مختلف الدول، بحيث يتم طهي أكلات مختلفة في كل مرة من قبل الشباب المغتربين من الدول الأخرى، ما أسهم في التنوع الثقافي والمشاركة الفعالة من الجميع، وهذا بدوره أثرى الأوقات الرمضانية في بلاد الغربة بروح التعاون والمبادرة، وخلق أجواء رمضانية رائعة. ويورد «امتد هذا الشعور إلى الزملاء من غير المسلمين، حيث كان الدكتور يتناول القهوة مع الزملاء الأجانب وغير المسلمين كل صباح باستمرار ولكن مع دخول رمضان امتنع عن ذلك احتراماً لمشاعرهم»، وهذا يشير إلى دور الحمادي في بناء جسور بين الثقافات بطريقة حضارية أثناء وجوده هناك. مناصب وأدوار بعد حصوله على الماجستير في العلوم الإدارية والدكتوراه في إدارة الجودة في المؤسسات التعليمية، عمل الحمادي لأكثر من عشر سنوات في كليات التقنية العليا وشغل مناصب عدة، آخرها منصب نائب مدير كليات التقنية العليا، وعمل خلالها على تطوير الخطط الاستراتيجية والعلمية للكليات لتحقيق الأهداف المنشودة للكليات. وكرس الحمادي خبراته وقدراته لخدمة أبناء وطنه، حيث أسهم بشكل كبير في خطط التوطين والتطوير لخلق بيئة عمل فاعلة للمواطنين وغيرهم داخل الكليات. وبعد إنجازات حافلة في القطاع الحكومي، التحق الحمادي بالقطاع الخاص في 2013، حيث شغل منصب مدير إدارة التوطين والتطوير في شركة أرابتك القابضة، ليعمل على خلق فرص العمل للشباب المواطن في القطاع الخاص، والعمل على تطوير قدراتهم ومهاراتهم، وبناء مستقبل وظيفي مستقر للمواطنين، وأسهم الحمادي في خلق بيئة عمل تستقطب الكوادر الإماراتية في القطاع الخاص من خلال تقديم الدورات التدريبية والزيارات الميدانية للمؤسسات التعليمية والجامعات لكسر الحاجز بين الشباب المواطن والقطاع الخاص. وخلال مسيرته العملية في الشركة، دأب الحمادي على بناء الخطط الاستراتيجية للتوطين والتدريب، وبناء جسر التواصل بين القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية. ولما يملكه الحمادي من خبرة عميقة في مجال التعليم والتدريب، فقد تم تنصيبه رئيساً تنفيذياً لقطاع التعليم والتدريب في أرابتك القابضة في أبريل الماضي، وقد عمل خلالها على وضع الخطط والاستراتيجيات لخلق مؤسسات تعليمية وتدريبية تخدم الشركة وتوجهاتها. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الدكتور عضواً مستشاراً في قسم الهندسة المدنية في الجامعة الأميركية في الشارقة، وعضو مجلس إدارة في شركة ديبا المحدودة، وعضواً في برنامج خليفة لتمكين الطلاب، وعضواً في إدارة المخاطر في الإمارات، وعضواً مستشاراً في مجلس الطلبة في كليات التقنية العليا. ولا يزال الحمادي يواصل مسيرته العملية باذلاً الجهود لتحقيق الطموحات المنشودة. العمل الجماعي رغم إقامة الحمادي لدى إحدى الأسر البريطانية، إلا أنه كان منذ الصباح الباكر يخرج إلى الجامعة لحضور المحاضرات، ثم يعرج إلى مطبخ المسجد لإعداد ومساعدة الآخرين على عمل السفرة الرمضانية مساء. وعن العمل الجماعي أثناء إعداد السفرة، يقول الحمادي «الجميع كان يسهم ويشارك في إعداد السفرة الرمضانية من حيث إعداد الأطباق أو الشوربات أو السلطات أو المقبلات، وكان الجميع يداً واحدة يربطه روح التعاون والمحبة والألفة، إلا أن الجميع خلال لحظات الإفطار يشتاق للأهل وتجمعاتهم على السفرة وسط دفء الأسرة، التي تمتاز بأنها من أحلى اللحظات في عمر الزمان من لحظة أذان المغرب والتفاف الأسرة حول مائدة الإفطار». ويضيف «رغم بعدي عن أسرتي إلا أن التواصل معهم كان يتم بشكل يومي من خلال الاتصال بهم للاطمئنان عليهم»، مضيفاً «ما أقسى من أن يحرم الفرد من تلك اللحظات التي لا تتكرر سوى مرة واحدة في العام وهو بعيد عن أرض الوطن، بعيد عن الأهل والأحباب الذين ألفهم وألفوه، ولكن يقيننا بأهمية التعليم ودوره في رفعة الوطن والمواطن كانت تهون علينا بعضاً من معاناة الغربة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©