الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحشاشون» رواد الإرهاب الانتحاري

«الحشاشون» رواد الإرهاب الانتحاري
2 يوليو 2015 23:19
أحمد محمد (القاهرة) كان الصراع السياسي والعقدي في أرجاء الأقاليم الإسلامية على أشده، لم تعد السلطة العباسية إلا شكلية، غدا نفوذها وفاعليتها خيالاً، وضاعت هيبتها نتيجة الصراعات بين طوائف الأمة، والواقع الإسلامي يموج بالاضطرابات وتناقضت حياة المسلمين، وسادت الفوضى، واشتدت الضائقة الاقتصادية، وساء نظام الحكم، وكثرت الفتن المذهبية. من هنا بدأ ظهور حركة «الحشاشين» وتكونها بعد وفاة المستنصر عام سبعة وثمانين وأربع مئة هجرية، يطلق عليها الإسماعيلية النزارية. ويعتبر الحسن بن الصباح العقل المدبر الذي نظم هذه الطائفة، ونشرها في بلاد فارس، ونتج عن هذه الجهود قيام دولة الحشاشين أو الفدائيين، وانطلقت دعوتهم من كرمان إلى أواسط إيران وأصفهان، ثم خوزستان والديلم، واستقرت في قلعة «ألموت»، وصلوا ما زندران، ثم قزوين ومناطق عدة، احتلوا القلاع، ووصلت دعوتهم إلى سوريا، وامتلكوا الحصون في طول البلاد وعرضها. التشدد الديني كانوا مجموعات صغيرة انخرطت في الإرهاب المنهجي، وقاموا بعملياتهم في القرن الثامن حتى القرن الرابع عشر. وكان الحشاشون اتحاداً من الدجالين والمغفلين، استطاعوا تحت قناع من التشدد الديني والأخلاقي الإساءة إلى الدين والخلق، وهذه الجماعة من السفاكين الذين سقط تحت نصال خناجرهم أسياد الدول، ظلوا أقوياء، لأنهم استطاعوا لمدة ثلاثة قرون أن يبثوا الرعب في قلوب الجميع، فالقتل والاغتيال وسيلة سياسية ودينية لترسيخ معتقداتهم ونشر الخوف في قلوب أعدائهم. يقومون بالاغتيال المنظم، عن طريق تدريب الأطفال على الطاعة العمياء، وعندما يشتد ساعدهم يدربونهم على الخناجر، ويعلمونهم الاختفاء والسرية، وأن يقتل الفدائي نفسه قبل أن يبوح بكلمة واحدة من أسرارهم، وبذلك أعدوا طائفة الفدائيين التي أفزعوا بها العالم الإسلامي، فلم يتركوا في منطقتهم مكاناً إلا أقاموا عليه حصناً، ولا قلعة إلا احتلوها. والحشاشون رواد في الإرهاب الانتحاري، سلاحهم الخنجر، أفرادهم يتعاطون الحشيش ثم يرتكبون العديد من الجرائم، ويثيرون الرعب بين الناس، وهذا رأي في تسميتهم، وهناك رأي آخر مستمد من الصليبيين الذين تحالفوا معهم واستغلوهم للقيام باغتيال الشخصيات المسلمة المقاومة للوجود الصليبي، فكانوا يسمونهم «المغتالين» ثم حورت إلى «حشاشين»، وكلمة الحشاشين دخلت بأشكال مختلفة في الاستخدام الأوروبي بمعنى القتل خلسة أو غدراً أو القاتل المحترف المأجور. عملاء وقد كان الحشاشون عملاء للصليبيين ينكلون بالمسلمين بما عرف عنهم من فظاعة في القتل والتدمير، فاغتالوا ميمون قائد المسلمين الذي تصدى للصليبين في طبريا 1113م، وهو يدخل المسجد لتأدية صلاة الجمعة، الأمر الذي شكل نصراً للصليبين بتخلصهم من عدو لدود على يد الحشاشين، وعلاقتهم باليهود، لا تقل درجة عن علاقتهم بالصليبيين، بل كانت أقوى، حيث كان الطرفان ممتزجين، وعدد كبير من اليهود يعمل بين صفوف الحركة في الشام لخدمة أهدافها. ينتمي ضحايا الحشاشين إلى مجموعتين، الأولى تضم الأمراء والقادة والوزراء، وقد أحرز الحشاشون على هذا المستوى أول نصر كبير لهم في الفن الذي صار يُنسب إليهم، فن الاغتيال، وكانت ضحيتهم المختارة «نظام الملك» الوزير السلجوقي الشهير، والعدو الأول لحركتهم. وتلك بداية سلسلة طويلة من الهجمات المماثلة، أدت إلى اغتيال ملوك وأمراء وقادة جيوش وحكام، يقول ابن الأثير: «إن أي قائد أو ضابط لم يكن يجرؤ أن يترك بيته من دون حماية، وكانوا يرتدون الدروع تحت ملابسهم، وطلب كبار الضباط من السلطان أن يسمح لهم بالظهور أمامه مسلحين، خوفاً من أن يتعرضوا للهجوم، فمنحهم الإذن بذلك»، ومن أبرز عملياتهم المحاولات الفاشلة لاغتيال صلاح الدين الأيوبي. القضاة والعلماء والمجموعة الثانية من ضحايا الحشاشين، تضم القضاة والعلماء والشخصيات الدينية الذين أدانوا نظرياتهم وأفتوا بقمع من يقول بها. وهناك فئة ثالثة متوسطة تضم ولاة المدن، وقد نالت اهتمامهم بين حين وآخر، وكانت المؤسسة السنية بجوانبها السياسية والعسكرية والإدارية والدينية هي العدو الرئيس لهم، وكان هدفهم من الاغتيالات إخافة هذه المؤسسة وإضعافها. لجأ الحشاشون إلى استخدام رموز سرية وقواعد خاصة بمراسلاتهم، في حروبهم وتنظيماتهم، وجعلوا أمر معرفتها مقتصراً عليهم، وكانوا يشيرون بها إلى أسماء خصومهم.. وظل أمر الإسماعيلية النزارية في الشام يضعف تارة ويقوى تارة، إلى أن استسلمت آخر قلاعهم للظاهر بيبرس عام 672 هـ، وخفت أمرهم من الحياة السياسية، وكانت نهايتهم على يد موجات المغول عام 1256م. بثوا الرعب في قلوب الجميع على مدى ثلاثة قرون
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©