الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«مودرن ديبلوماسي»: نظام الدوحة يهتم بالمظاهر وليس الحقائق لتحسين صورته

23 أكتوبر 2017 00:05
دينا محمود (الاتحاد) «الحقائق هي التي تُهم، وليس المظاهر إذا تعلق الأمر بتحسين السمعة على الساحة الدولية»، تلك هي «الحقيقة البسيطة» التي قالت وسائل إعلام غربية، إن قطر تتجاهلها خلال محاولاتها المحمومة للتنصل من أدران دعمها للإرهاب، ورعايتها لأبواق التطرف ودعاة الكراهية. العبارة وردت في مقال للكاتبة الأميركية كارولين هولمُند، حمل عنوان «الدروس التي يجب أن تتعلمها قطر من فشلها في الأمم المتحدة»، وخُصِصَ للحديث عن الخسارة المدوية التي مُنيت بها الدوحة قبل أقل من أسبوعين، على صعيد محاولتها الفوز برئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، والتي انتهت بدحر المرشحة الفرنسية أودري أزولاي لمنافسها القطري حمد الكواري، في الانتخابات التي جرت لتحديد المدير العام الجديد لهذه المنظمة الدولية. وتعتبر الكاتبة في مقالها - الذي نشره موقع «مودرن ديبلوماسي» الأوروبي المتخصص في تناول شؤون السياسة الدولية - أن الهزيمة القطرية في هذا الصدد تشكل «تذكيراً صارخاً» بعدم اكتراث النظام الحاكم في الدوحة، بضرورة الاهتمام بالحقائق الفعلية على الأرض وليس المظاهر، إذا ما كان هذا النظام يسعى لتحسين سمعته أمام دول العالم الأخرى في ظل حالة العزلة التي يواجهها في الوقت الراهن على الساحتين الخليجية والعربية. وفي إشارة إلى فداحة الخسائر الدبلوماسية القطرية في هذا الصدد، أشارت هولمُند إلى أن الدوحة ظلت «تحشد الضغوط على مدى عامين - وبشدة - لتأمين فوز مرشحها.. بمنصب المدير العام (لليونسكو)، فقط لتراه يخسر.. أمام المرشحة الفرنسية». واعتبرت الكاتبة الأميركية أن هزيمة الكواري تشكل «نبأً جيداً لمنظمة لم تفقد جانباً كبيراً من تمويلها فحسب (بعد انسحاب الولايات المتحدة منها)، وإنما خسرت كذلك قدراً هائلاً من شرعيتها في السنوات القليلة الماضية، بفعل استغلالها من جانب الدول الأعضاء كمنبرٍ لمناقشة خلافاتها طويلة الأمد». وعزا المقال خسارة المرشح القطري لهذه الانتخابات إلى الأزمة التي تضرب الخليج حالياً، جراء تشبث بلاده بموقفها المُعاند والمُكابر والرافض للاستجابة للمطالب المُحقة المطروحة عليها من جانب الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين)، قائلاً، إن الانقسام الراهن حال دون أن يقف العالم العربي بشكلٍ موحد خلف مرشحٍ متفق عليه. وأشارت الكاتبة في هذا السياق إلى إقدام مصر على طرح مرشحتها الوزيرة السابقة مشيرة خطاب لمنافسة الكواري الذي تُتهم بلاده بتمويل المنظمات الإرهابية وإقامة علاقاتٍ وثيقة أكثر من اللازم مع إيران. وانتقد المقال الإصرار القطري على تجاهل المطالب الـ 13 «التي تتضمن إنهاء روابطها (الدوحة) مع الجماعات الإرهابية وتقليص التبادل التجاري مع إيران بما يتماشى مع العقوبات الأميركية والدولية المفروضة على طهران». وأكدت هولمُند أن المخاوف التي تساور «الرباعي العربي المناوئ للإرهاب» حيال قطر وسياساتها وتحالفاتها، تنتاب كذلك «الجانب الأكبر من المجتمع الدولي». وفي هذا الإطار، أبرزت الكاتبة ما يوجهه خبراء ومسؤولون غربيون سابقون - من بينهم الوكيل السابق لوزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب دافيد كوهين - من انتقاداتٍ مستمرة لـ«ضعف الرقابة الحكومية (القطرية) بما يسمح للمواطنين القطريين بأن يمولوا بسهولة جماعات متطرفة مثل داعش»، دون أن تغفل الإشارة - في هذا السياق - إلى الدعم الذي يقدمه النظام القطري لـ«تنظيم الإخوان» الإرهابي واستضافته لمسؤولي (حركة) طالبان وأشخاصٍ مرتبطين بتنظيم القاعدة.. وعلاقته الوطيدة المتنامية بطهران، التي تشكل هي نفسها ممولاً للإرهاب بالوكالة». وقالت هولمُند إنه بدلاً من أن «تتخذ قطر خطواتٍ ملموسة للتعامل مع التهم الموجهة إليها، فإنها تواصل ضخ مزيد من الطاقة - والأموال - في حملة تستهدف تحسين صورتها عالمياً، وهو ما شَمِلَ ليس فقط التقدم بمرشح للفوز برئاسة اليونسكو، ولكنه ارتبط أيضاً باستثماراتٍ في مجال الفنون والثقافة». ولكن هذه الأموال الطائلة - التي أُنْفِقَت بغرض الدعاية وصرف الأنظار عن السجل الأسود لقطر على صعيد العلاقة بالإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان - لم تشفع لها، كما يؤكد المقال، لدى أعضاء «اليونسكو» الآخرين الذين تشير الكاتبة إلى أن «المليارات التي استثمرتها قطر على الصعيد الفني على مدار سنوات، لم تكن كافية لإقناعهم بأنها (الدوحة) مستعدةٌ لقيادة الوكالة الثقافية الرائدة التابعة للأمم المتحدة». وشدد المقال على أن هذه الأموال لم تكن كافية كذلك لـ«غسل عفن الاتهامات (الموجهة لقطر) والتي تفيد بأنها تتعامل بارتياحٍ مبالغٍ فيه مع الأنظمة والجماعات المتطرفة، وهو ما يعود إلى أن قطر لا تزال تتجاهل الحقيقة البسيطة المتمثلة في أن الحقائق لا المظاهر هي ما يهم، عندما يتعلق الأمر بتحسين السمعة الدولية» لبلدٍ ما. واعتبر المقال أن اليونسكو «أُنْقِذَ من مديرٍ عام كان سيستخدم منصبه على الأرجح - وبشكلٍ أساسي - للقيام بالمزيد على صعيد تلميع مؤهلات قطر على الصعيدين الفني والثقافي، وتسجيل نقاط ضد دول عربية أخرى، بدلاً من دعم مهمة المنظمة المتمثلة في تعزيز التعليم والسلام والحوار على الصعيد العالمي». وتسخر الكاتبة الأميركية ضمناً من «محاولات الأسرة الحاكمة (في قطر) لوضع نفسها في موضع الراعي الأكبر للفنون في العالم». وتشير إلى أن هذا الأمر يبدو «بالنسبة للكثير من المراقبين الخارجيين.. متناقضاً مع دولةٍ ليست لديها ثقافة خاصة بها تقريباً». وتبرز هولمُند حقيقة أن كل هذه الجهود تنبع من «رغبة الحكومة (القطرية) في تعزيز سمعة البلاد الدولية، خاصة قبل بطولة كأس العالم لكرة القدم المقرر إقامتها في عام 2022»، مُشيرة إلى ما لطخ عملية التقدم لاستضافة هذا المونديال «من اتهاماتٍ بتقديم رشاوى، وانتهاكٍ لحقوق العمال المهاجرين الذين يشيدون الملاعب الرياضية التي ستستضيف البطولة». وأضاف المقال بالقول إن النظام القطري «يأمل دون شك في أن يساعد بناء صورة راعي الفنون هذه» إلى تبديد الاتهامات الموجهة إليه بأنه يضطلع بدور التمويل بالوكالة للإرهاب. واتهمت الكاتبة هذا النظام بأن له «دافعاً خفياً» يقف وراء «استثماراته الباهظة ليس فقط في عالم الفن الأوروبي وإنما كذلك في مجالات الرياضة والترفيه والعقارات»، ضاربةً المثل في هذا الإطار بشرائه نادياً فرنسياً مثل باريس سان جيرمان. وتقول إن هذا الدافع يتمثل في «شراء النفوذ.. (على الصعيد الدولي) بدلاً من أخذ مسار أكثر جدية، وهو ذاك المتعلق بالوقوف إلى جانب الأعراف والقيم التي تتشارك فيها أوروبا والجانب الأكبر من المجتمع الدولي»، في إشارة لا لبس فيها بطبيعة الحال إلى قيم مثل التعايش والتسامح ونبذ التطرف والإرهاب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©