أيهما أصعب في كرة القدم.. الهجوم بإبداع أم الدفاع بقوة وصلابة؟ كان ذلك محور نقاش مع مجموعة من الأصدقاء، من وحي مباراتين بين مانشستر سيتي وستوك سيتي، وليفربول مع مانشستر يونايتد.. في الأولى فاز السيتي 7/ 2. وفي الثانية تعادل الفريقان صفر/صفر. وفي الأولى حلت المتعة، بما قدمه فريق جوارديولا من كرة سهلة أو تبدو سهلة وبسيطة، وهي ليست كذلك في الواقع، وفي الثانية خيم الملل بسبب الأداء الدفاعي لفريق مورينيو.. وهو الأداء الذي يوصف بأنه واقعي، وللأسف ليس كذلك في الواقع.. !
فلسفة بيب جوارديولا لم تتغير مع برشلونة ومع بايرن ميونيخ ومع مانشستر سيتي.. السيطرة والاستحواذ. وقد أضفى لمسة التوابل الإسبانية ونكهة تيكي تاكا الممزوجة بالكرة الشاملة الهولندية على البريميرليج. وأعتقد أن ملايين من عشاق كرة القدم في الشرق الأوسط سوف ينتظرون الآن مباريات السيتي، وهذا هدف اقتصادي واستثماري مهم لإدارة الفريق. فلم تعد كرة القدم أسيرة حدودها المحلية. والفرق الكبرى باتت حدودها الكرة الأرضية.
وأتذكر الآن ما صرح به كارل هاينز رومينيجه حين تعاقد بايرن ميونيخ مع جوارديولا: تعاقدنا معه لأنه مدرب نجم. له فلسفة. كما أنه مدرب مختلف. لقد تولى قيادة الفريق العديد من المدربين الممتازين. لكن جوارديولا شيء آخر. فكنا نلعب مع بروسيا دروتموند وفزنا 3/صفر. وفي طريق العودة بالطائرة كان اللاعبون يمزحون ويحتفلون بهذا الفوز. ووجدته يعكف على مشاهدة المباراة وتحليلها مرة أخرى على جهاز الكومبيوتر الخاص به.. وأنا أعمل في مجال كرة القدم منذ 40 عاماً، ولم أعرف مدرباً مشغولاً بكرة القدم مثل جوارديولا..
أعود للسؤال أيهما أصعب: الهجوم أم الدفاع؟
الإجابة: الهجوم أصعب لأنه بناء. ولكن ليس كل الهجوم صعباً، لأن بعضه يكون بالعضلات وليس بالعقل. وبعض الدفاع يكون جميلاً أيضاً حين يكون جزءاً من تكتيك ينقل الفريق إلى حالة الهجوم المضاد، كما فعل كونتي مثلاً مع تشيلسي.. ولكن كلما كان البناء ممتعاً زادت درجة الصعوبة. وأداء مانشستر سيتي أمام ستوك سيتى كان سهلاً ممتنعاً. يعني تظنه سهلاً لكنه ليس سهلا. فاللاعبون يتبادلون الكرة ويتبادلون مراكزهم، ويتبادلون مهامهم وواجباتهم. وهذا كله في تناغم، ومن لمسة واحدة.. وكنت تشعر وأنت تشاهد مانشستر سيتي، كأنه عازف كمان يداعب أوتارها بأنامل أصابعه، فتخرج الآلة موسيقاها الناعمة..!
عدد اليوم
