ماجدة محيي الدين (القاهرة)
يواجه المصابون باضطراب الشخصية الهيستيرية مشاكل كثيرة تتعلق بالعلاقات الاجتماعية والعاطفية، فهم حساسون تجاه النقد أو الرفض، ويميلون إلى لعب دور الضحية أمام الآخرين، كما أنهم يتسمون بدرجة عالية من المبالغة في إظهار مشاعرهم، ويسعون إلى لفت الانتباه من خلال سلوكهم ومظهرهم الخارجي، وغالبا تكون تصرفاتهم مرفوضة اجتماعياً ما يوقع أفراد أسرته في مواقف محرجة.
عوامل مسببة
أثبتت دراسات متخصصة أن الرجال ينجذبون للمرأة الهيسيترية لأنها تتمتع بالحيوية والانفعالات القوية ويصبح لها جاذبية خاصة، وقدرة على التعبير عن عواطفها بحرفية، غير أن كثيرا من النساء اللاتي يتمتعن بهذه القدرة العالية من الجاذبية الاستفزازية يعانين بروداً عاطفياً، وبحسب تلك الدراسات فإن هذا الاضطراب تصاحبه اضطرابات الأخرى، مثل الاكتئاب الذي يدفع بعض المرضى إلى تعاطي المخدرات أو المشروبات الكحولية إضافة إلى كثرة الشكوى من الأوجاع الجسدية.
وعن أسباب إصابة النساء به أكثر من الرجال، توضح الدكتورة هبة عيسوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، أنه ليس هناك سبب محدد وراء الإصابة باضطراب الشخصية الهيسترية، ولكن هناك عدة عوامل اجتماعية ونفسية، وقد يكون للعوامل الوراثية والاجتماعية دور في الإصابة باضطراب الشخصية الهيستيري، مثل مدى تفاعل الشخص مع العائلة والأصدقاء خلال مرحلة النمو المبكر، وبعض العوامل النفسية ومنها طبيعة شخصية الفرد ومزاجه، وهما يتشكلان بحسب البيئة التي ينشأ فيها.
وتضيف أن المهارات المكتسبة للتعامل مع الضغوط التي يواجهها الإنسان في مراحل نموه المبكرة لها تأثير، مشيرة إلى أن الإصابة به ناتجة عن مجموعة معقدة ومتشابكة من العوامل الثلاثة المهمة الوراثية والاجتماعية والنفسية.
وتشير عيسوي إلى وجود احتمال مرتفع في انتقال الاضطراب من الوالدين إلى الأطفال وإمكانية أن يكون وراء الإصابة بالاضطراب الهيستيري تخلي أحد الأبوين عن المصاب في مرحلة الطفولة، أو معايشة الطفل في سن صغيرة الخلافات التي تحدث بين الوالدين أو أفراد الأسرة ما يصيبه بالتوتر والخوف ويؤثر في بناء شخصيته وينعكس ذلك عليه في لاحقا.
وحول الأعراض التي يمكن ملاحظتها في المصابة باضطراب الشخصية الهيسيتري، تقول عيسوي إن أبرز ما يمكن ملاحظته هو الانزعاج بشدة عندما تشعر المصابة أنها ليست محور اهتمام من حولها وغالبا هي تمتلك أسلوبا مفرطا في التعبير عما بداخلها، وهي سريعة التقلب في المزاج والمشاعر فقد تبدو أحيانا مرحة وبمزاج جيد، وأحياناً أخرى تكون في حالة شكوى من الاضطهاد عندما تفتقد اهتمام المحيطين بها.
ومن العلامات التي تدل على اضطراب الشخصية الهيستيري، تذكر عيسوي الفشل المتكرر في العلاقات العاطفية، وتكرار الزواج والطلاق، والتصرف بصورة غير ناضجة في المواقف الاجتماعية، وقد تظهر بعض الانفعالات إذا واجهت تلك الشخصية مواقف صعبة أو محرجة تبدأ في عدم السيطرة على ألفاظها أو عدم القدرة على الكلام أو السمع أو الرؤية أو أن يصاب أحد أطراف الجسم بالشلل وهي أعراض تظهر عليها بشكل مؤقت.
كيفية التعامل
وحول كيفية التعامل مع الشخصية الهيستيرية، تؤكد أنه يجب على من يتعامل مع المصابة باضطراب الشخصية الهيستيرية أن يتفهم طبيعة المرض وخصائصه ويتقبلها وأن يتنبه إلى بعض الأعراض مثل العاطفة المبالغ فيها وعدم الوضوح واللجوء إلى الألاعيب والميل الشديد إلى لفت انتباه الآخرين وتضخيم الأمور وتهويل المواقف، وأن يحاول أن يزيد ثقة المريضة في نفسها وأدائها، وأن ينصحها بأداء بعض التمارين الرياضية والاسترخاء.
وتحذر عيسوي المتعامل مع الشخصية الهيستيرية من العتاب لأنه سيواجه بمئات الأعذار وآلاف الاتهامات ونوبات البكاء والنحيب أو اللجوء إلى الدخول في فترة من الصمت مصحوبة بتجاهل شديد وابتزاز عاطفي ونظرات اتهام بالتقصير.
وترى أن المتعايش مع مصاب باضطراب الشخصية الهيستيرية يعاني كثيرا حيث إن المريض يكون مؤذياً نفسياً ومستهلكاً لمشاعر المحيطين به والحياة معه مليئة بالأكاذيب والمبالغات والخوف من الكلام الذي يمكن أن يستقبله بصورة خاطئة ما يعني أن المريض يشك في أقرب الناس إليه، وعاطفة الشخص الهيستيري يمكن أن تتغير من دون سبب واضح وبطريقة مفاجئة ما يؤثر في نفسية شريك حياته، ويضطر أن يلجأ لطبيب نفسي لمساعدته في التعامل مع كل تلك الضغوط.
لا دواء شاف
عن أساليب العلاج، تقول الدكتورة هبة عيسوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، إنه لا توجد أدوية محددة لعلاج تلك الحالة، ولكن يتم علاج بعض الأعراض المرهقة للمريضة ولمن حولها، مثل الاكتئاب والقلق والتوتر لذلك قد تفيد أحيانا مضادات الاكتئاب أو مثبتات المزاج في تخفيف حدة الأعراض، وقد تحتاج بعض الحالات الحرجة إلى فريق كامل للعناية بالمريض من طبيب نفسي، وآخر للرعاية الأولية، وثالث متخصص في العلاقات الاجتماعية.
4 مقابل 1
تؤكد إحصاءات حديثة أن مرض اضطراب الشخصية الهيستيري ينتشر بين النساء أكثر من الرجال، حيث تصاب به 4 سيدات مقابل رجل واحد، ورغم ذلك لا يعد من الأمراض شائعة الانتشار، حيث لا تتجاوز نسبة الإصابة به 3 في المائة من سكان العالم، وهي نسبة ليست قليلة لكنها لا تمثل ظاهرة.
عدد اليوم
