الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حِلم النبي».. جاوز العدل إلى الفضل مع الظالمين

27 يونيو 2016 21:56
أحمد محمد (القاهرة) كان من صفات النبي صلى الله عليه وسلم الحلم وكظم الغيظ، يحب من الصفات الحلم والأناة، وقد قال لأشج عبد القيس «إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة»، فكان النبي أحلم من كل حليم وأسلم في الخصام من كل سليم، وقد مني بجفوة الأعراب فلم يوجد منه نادرة ولم يحفط عليه بادرة، مع أنه لا حليم إلا ذو عثرة، ولا وقور إلا ذو هفوة، فإن الله تعالي عصمه من نزع الهوى، ليكون بأمته رؤوفاً وعلي الخلق عطوفاً. ومن عظيم أخلاقه وجميل خلاله صلى الله عليه وسلم، حلمه على من جهل عليه، وعفوه عمن ظلمه، وما من حليم إلا عرفت منه زلة، إلا رسول الله، فما زاد مع كثرة الإيذاء إلا صبرا، وعلى إسراف الجاهل إلا حلما، فعن عائشة رضي الله عنها قالت ما خُيِّر رسول الله في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى فينتقم لله بها». وكان صلى الله عليه وسلم لا تستفزه الشدائد، ولا تغضبه الإساءات، فقد اتسع حلمه حتى جاوز العدل إلى الفضل مع من أساء إليه وجهل عليه، قال أنس كنت أمشي مع رسول الله، وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجذبه بردائه جذبة شديدة، فنظرت إلى صفحة عنق النبي، وقد أثر بها حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء. وكان صلى الله عليه وسلم، أحلم الناس، يتجاوز عن المسيء، فيشرق ويضيء قلبه بالإسلام، كما حدث مع أبي سفيان يوم جيء به إلى الرسول فقال له مع شدة إيذائه له: «ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟، قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك». وجاءه زيد بن سعنة قبل إسلامه يتقاضاه دَينا عليه، فجذب ثوبه عن منكبه، وأخذ بمجامع ثيابه، وأغلظ له، ثم قال إنكم يا بنى عبد المطلب مطل، فانتهره عمر وشدد له في القول، والنبي يبتسم، فقال صلى الله عليه وسلم: «أنا وهو كنا إلى غير هذا منك أحوج يا عمر، تأمرني بحسن القضاء، وتأمره بحسن التقاضي، وأمر عمر أن يقضيه ماله ويزيده عشرين صاعا لما روعه، فكان سبب إسلامه، وذلك أنه كان يقول ما بقى من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد إلا اثنتين لم أخبرهما يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل إلا حلما، فأخبرته بهذا فوجدته كما وصف».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©