الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصيد الجائر يهدد التنوع البحري في سواحل الدولة

الصيد الجائر يهدد التنوع البحري في سواحل الدولة
24 فبراير 2018 12:00
أعاد إعلان هيئة البيئة في أبوظبي، نفوق 5 من أبقار البحر النادرة، الجدل مجدداً حول مدى الوعي الكافي للصيادين بضرورة المحافظة على البيئة البحرية ومكوناتها، ومدى إدراكهم لخطورة بعض التجاوزات غير المقصودة في طريقة الصيد، وهنا يكون الحديث عن الرقابة الدورية لوزارة التغير المناخي والهيئات البيئية لازماً، إذ إن المشرع الإماراتي سد الباب أمام مثل هذه التجاوزات، بتشريعات وقوانين تحفظ الحياة البحرية والبرية وتحميها، كما أنه فرض غرامات كبيرة على كل مخالف، خاصة فيما يتعلق بالأنواع المهددة بالانقراض، وعليه يصح التساؤل اليوم: أين كانت الجهات المعنية عن حماية الأبقار؟ ولماذا غابت حملات التوعية عن فئة العمالة البحرية؟ وهل يجب على حماة البيئة الانتظار أكثر ليسجلوا نفوق أبقار أخرى أو سلاحف، ليتحركوا؟ وماذا أعدوا لعدم تكرار مثل مثل هذه الحوادث؟ مسؤولو جمعيات الصيد يشيرون إلى أن ما يحدث من سلوكيات تهدد السلامة البحرية، وتنوع الثروة السمكية، مصدره بعض العمالة ممن لا تصل لهم المعلومة بالشكل الصحيح، ويرون أنها حوادث فردية، ولا تتكرر كثيراً، ولا يمكن تسميتها بظاهرة، نظراً لارتفاع مؤشرات الالتزام العام بمختلف القرارات الرسمية الصادرة عن المعنيين، بل إنهم يواصلون سعيهم إلى إبراز دور التنوع السمكي، والمحافظة على الكائنات البحرية، وبالأخص المهددة بالانقراض لما له من دور في الأمن الغذائي، ومردود اقتصادي كبير. وفي ذلك، يؤكد المستشار علي المنصوري، رئيس الاتحاد التعاوني لصيادي الأسماك، التزام الصيادين القرارات كافة الصادرة عن وزارة التغير المناخي والبيئة، وهيئات البيئة في مختلف إمارات الدولة، إضافة إلى بقية الجهات المعنية بشؤون الصيد والصيادين، موضحاً أن ما يحدث من بعض التجاوزات التي تؤدي إلى تهديد سلامة البيئة البحرية، هو سلوكيات مرفوضة، ولا تمثل جمعيات الصيادين. ويتابع: «نسعى بشكل مستمر إلى الاجتماع مع الجهات المعنية للوقوف على مدى التزام الصيادين القوانين الدورية الصادرة منهم، ومعرفة أسباب اتخاذها، ونسب الالتزام، والانضباط من قبل العاملين في مجال الصيد، ونقوم بناء على هذه الاجتماعات بنقل أبرز التوصيات لأعضاء الجمعيات التعاونية، ومناقشتها»، مشيراً إلى قيام الاتحاد التعاوني بتنظيم العديد من الحملات التوعوية، والملتقيات بهدف توعية الصيادين، وإشراكهم في آخر المستجدات في مجالات البيئة البحرية، والمحافظة عليها، لافتاً إلى أنه تم توجيه الجمعيات بالتواصل مع مختلف العاملين في المهنة عن طريق استخدام مختلف اللغات، لضمان إيصال المعلومة لهم بالشكل الأمثل. عمالة غير واعية ويلقي محمد مجرن المرر، رئيس لجنة تسيير الأعمال بجمعية أبوظبي لصيادي الأسماك، باللوم على جهل بعض العمالة بالقوانين والتشريعات، وعدم الدراية الكافية بقوانين البحر، وأهمية الحفاظ على البيئة البحرية، وتنوعها في دولة الإمارات، وشواطئها، ما يؤدي إلى تنامي مثل هذه الحالات. ويضيف: «نقوم بإيصال النشرات الإرشادية من قبل الجهات الرقابية، والتشريعية في مجال الصيد إلى هذه العمالة، وترجمتها بلغاتهم المختلفة، وتوضيح أهمية مفهوم استدامة التنوع البحري في سواحل الإمارة، إلا أن البعض لا يلتزم، وهؤلاء يتم إنذارهم، والتعامل معهم وفق اللوائح الصادرة، والتي تشرح معنى استدامة البيئة البحرية، والعقوبات المتصلة بالإخلال بها». ويؤكد أن الصيادين في أبوظبي يعملون بالشراكة، والتوافق مع هيئة البيئة في أبوظبي، ويساهمون في تحقيق رؤية إمارة أبوظبي في المجال البحري القائمة على مرتكزات عدة، منها الحفاظ على السلامة البحرية، ونظافة السواحل، ومعدات الصيد، ونظافة مباني العاملين في مجالات الصيد، بما ينعكس على جودة الخدمات المقدمة في موانئ الإمارة وأسواقها. الصيادون ولكن عند الصيّادين أصبح الأمر أكثر وضوحاً، إذ إن المشكلة تكمن في أسلوب الخطاب الموجه إلى العاملين في المهنة، حيث لا بد من تطويره والعمل عليه أكثر من ناحية تعدد اللغات وتنوع وسيلة التثقيف، فيجب ألا يقتصر الخطاب على نشرات توعية بلغة واحدة، أو لغتين، بل أنْ يشمل لغات أخرى، وأساليب إعلامية مختلفة، وذلك لضمان إيصال المعلومة لمختلف طبقات العاملين في الصيد بتنوع ثقافاتهم، مع مراعاة اختلاف مستوى التعليم. ويعلق الصياد علي العبيدلي، قائلاً: «إن المعلومة تصل بشكل متفاوت للعمال، فبعض التشريعات الصادرة تصل إلينا بطريقة سليمة، وواضحة، ومنها غير واضح، ونقوم بدورنا بتوعية الصيادين بهذه القرارات ومبرراتها، ومناقشتها عبر الاجتماعات التي تجمع مسؤولي جهات البيئة بالصيادين، إلا أنه يتم أحياناً إغفال جوانب عدة، منها الوجود الكبير للعمالة الآسيوية الذين يحتاجون أيضاً إلى ملتقيات تختص بهم، وبلغاتهم، وبما يراعي ثقافتهم». ويضيف: «إن الدور الإعلامي محوري في تسليط الضوء على قضايا التنوع البحري، والتعريف بالكائنات البحرية المهددة بالانقراض، وأساليب الصيد التي قد تؤدي لتحويل الصيد من أسلوب للرزق والربح، إلى صيد جائر يخالف القوانين المتبعة، ويسهم سلباً في تقليل نسبة التنوع البحري». ويقترح أن يتم تخصيص برامج تلفزيونية تخاطب الأجيال المختلفة من الصيادين، وإبراز ما تتمتع به الدولة من أنواع نادرة على وشك الانقراض، مشيراً إلى ضرورة تبسيط المفاهيم المستخدمة التي تتحدث عن مثل هذه المواضيع، واستخدام مفردات تتواءم مع موضوع الصيد من قبل عاملين لهم دراية كاملة بأمور البحر، والسواحل، والكائنات المهددة، والبيئة. ويشير إلى أنه في بعض الأحيان لا يمكن إعادة النوع البحري إلى البحر مرة أخرى نظراً لنفوقه فور إخراجه من البحر، فيما يُمكن التعامل مع بعض الأنواع الأخرى المهددة بالانقراض بكل سهولة عبر إعادتها إلى البحر في حال اصطيادها خطأ. أما الصياد يعقوب محمد، فيؤكد أن الصيد ثقافة، ونحتاج إلى ترسيخها عبر تكرار الاجتماعات المعنية بالكائنات المهددة بالانقراض، والتأكيد على الصيادين لضرورة معرفة أنواعها، وأعدادها في السواحل، والخطر الناجم عن اصطيادها. ويضيف: «هناك المحميات السمكية التي لها الدور الأكبر في ضمان الثروة البحرية، إضافة إلى التشريعات التي حظرت صيد بعض الأنواع لندرتها عالمياً، ولأنها تشكل مصدراً مهماً من مصادر السياحة، فهناك اليوم عدد من المهتمين بزيارة السواحل التي تحوي أنواع الأسماك النادرة، وخسارة هذه الأنواع يؤثر على أعداد الزوار لمثل هذه المحميات، والسواحل». بينما الصياد بلال عبدالله، يقول: «الصياد بحاجة إلى شرح أسباب منع صيد بعض الأسماك المهاجرة التي إنْ لم يتم اصطيادها في الدولة، فسيتم اصطيادها في سواحل أخرى، فهي أشبه بالطيور المهاجرة التي تنتقل من بلد إلى آخر، هذا الأمر لا يتعارض مع أننا نلتزم القوانين كافة، ولكن أيضاً يجب شرح الآليات المتبعة، والدراسات التي تساهم في حظر صيد بعض الأنواع، لنكون على دراية كافية بمسببات ما نقوم به». من جهته، يفيد عامر الحوسني، بأن مسألة القوانين البحرية، والالتزام بها تعتبر مهمة جداً، والجميع ملزم بها، فمن الضرورة احترام القانون، والالتزام به، وعدم مخالفة بنوده، ولكن يجب الإلمام التام بالقوانين ومعرفتها أولاً، وهذا لن يتحقق على أكمل وجه إلا من خلال تعاون الصيادين. ويتابع: «يجب عدم تهاون الصيادين في الإبلاغ عن الممارسات الخاطئة أو خرق القوانين التي تتم في البحر، بحيث يكون الصياد شريكاً في عملية التنبيه، والمراقبة لما يحدث، وهو أمر يعكس حس المسؤولية الواجب اتباعه من قبلهم، فهذه البيئة البحرية، والسواحل هي جزء لا يتجزأ من بيئة الصياد، ورزقه، وأي تهاون في هذا الجانب قد يؤثر سلباً على رزقه في المهنة». ويشير إلى وجود جزء من الصيادين ممن يترقبون موعد حظر الصيد، وذلك للالتفاف حول القانون، وكسر الحظر عن طريق صيد الأسماك بطرق غير قانونية، والاستفادة المادية ستكون أكثر، وذلك لعدم وجود هذه الأسماك في الأسواق المحلية في وقت حظر الصيد، لذلك ينبغي على الجهات المختصة تكثيف دورات التفتيش. ويرى أن البيئة البحرية تلعب دوراً مهماً في حياة الإنسان، فهي تغطي نحو 70% من الأرض بشكل عام، مقترحاً تكثيف حملات حماية البيئة البحرية عبر نشر إعلانات في برامج التواصل الاجتماعي، أو وضع ملصقات توعوية عند كل شاطئ بحر، أو بالتحديد عند كل مرسى للقوارب، وعدم رمي المخلفات في البحر، وعدم التعرض للمحميات البحرية، وأعشاش الطيور البحرية، والبعد عن استخدام أدوات صيد محظورة تضر بالشعب المرجانية، وعدم المبالغة بالصيد. ويرى سلطان المدفعي، أن معظم حملات التوعية البيئية تقتصر على الصيادين، في حين أننا بحاجة إلى المزيد من الفعاليات التي تصل بشكل مباشر إلى المواطنين، والمقيمين مثل تنظيم الملتقيات في الأماكن العامة كالمراكز التجارية لتعريف الجمهور بأهمية المحافظة على الكائنات المهددة بالانقراض، مضيفاً: «نحن بحاجة ليس فقط للتحذير من صيد الأنواع المهددة بالانقراض، وفترات الحظر، ولكن هناك ضرورة إلى إعادة أهمية البحر، والبيئة البحرية للمواطن، بحيث يعود الناس لممارسة الصيد الترفيهي بالتوازي مع ثقافة البحر العامة، فلا يمكن أن تقتصر الثقافة على جانب محدد، ولكن أن تشمل جميع الجوانب، ومختلف الشرائح بحيث يصبح المواطن غير المتخصص في الصيد قادراً على الإبلاغ، والتفاعل مع نواحي البيئة المختلفة». ويشير إلى أن جهود الجهات المختصة في مجالات المحافظة على البيئة البحرية، ولكن يبقى غياب إشراك الفرد في هذه الفعاليات السبب الأكبر في وجود بعض الممارسات الفردية الخاطئة، مؤكداً أن سواحل الدولة تتميز بغنى بحري، وهذا الغنى بحاجة لتفاعل جهات أخرى تعرّف بالدور الحيوي، وإبراز دورها إعلامياً، لنصل إلى مجتمع مثقف بيئياً، فالهدف ليس الصياد فقط، بل أنْ يصل المواطن لمرحلة كافية من معرفة وتمييز أشكال الكائنات المهددة بالانقراض، ليتمكن من الإبلاغ، والمراقبة. أما عبدالله أحمد المشجري، فيلمح إلى بعض السلوكيات السلبية لزوار الشواطئ، مثل التدخين، ورمي المهملات، بما يؤثر على سلامة هذه الكائنات، ويعرضها لمخاطر صحية كثيرة، ولإيقاف هذه الممارسات، ينبغي تشديد الإجراءات الرادعة، بحيث تتم زيادة الغرامات، مضيفاً: «إن الجهود التوعوية غير كافية للآن، فهي تقتصر على أوقات الحظر، أو التعريف العام بالأنواع المهددة بالانقراض، في حين أننا بحاجة إلى معلومات مفصلة حول كل نوع نادر في سواحل الدولة، وعمق الطرح في القضايا التي تواجه البيئة، ما يُبرز دور التطوع». من ناحيته، يقول عبدالله سعيد: «معظم من يعمل في مهنة الصيد هم من كبار السن، وهناك تفاوت في مستويات التعليم»، متسائلاً إنْ كانت الجهات المختصة بالبيئة، تدرس تأثير الرسالة الإعلامية قبل نشرها للصيادين، موضحاً أن الرسالة الموجهة للخبراء في مجال البيئة، يجب أن تختلف عن تلك الرسالة الموجهة للرعيل الأول من صيادي الأسماك في الدولة، إذ إن تسهيل الخطاب الموجه للصيادين، ووضع الدراسات التي تتأكد من إيصال الرسالة بالشكل الصحيح، جميعها عوامل تؤدي إلى تقليل الحوادث العرضية التي تحدث للكائنات المهددة بالانقراض. ويختلف عبدالعزيز المهيري مع الآراء التي تطالب بتبسيط أسلوب الخطاب، معتبراً أن الجهات المسؤولة تقوم بهذا الدور عبر تنويعها لوسائل الإعلام المستخدمة، ووجودها الفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي، فالأخبار التي تتعلق بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية، ومنها نفوق 5 من أبقار البحر بسبب الصيد الجائر، لاقت رواجاً كبيراً، ما يؤكد أن هناك وعياً شاملاً بهذه الأنواع، وضرورتها في الحفاظ على التوازن البحري. ويضيف: «تكمن المشكلة في تعمد البعض عدم الالتزام بالقوانين ظناً منهم أنه الخيار الأمثل لمضاعفة الأرباح الناتجة عن مهنة الصيد، دون الاهتمام بالآثار المترتبة على ذلك من مخاطر تهدد سلامة بيئتنا المحلية، وبالتالي الرسالة بالفعل وصلت لهم، ولا حل سوى بتشريعات تشدد على منع هؤلاء من الصيد مرة أخرى حال ممارستهم للصيد الخاطئ»، مشيراً إلى أهمية وجود مبادرة كمبادرة كلنا شرطة، ولكن في المجال البحري، بحيث يكون المواطن مُبادراً في تصوير السلوكيات الخاطئة، وقادراً على التعامل مع من يهدد السلامة البحرية وفقاً لضوابط، واشتراطات محددة. هيئة البيئة في أبوظبي تحذّر هيئة البيئة في أبوظبي أشارت إلى أن العثور على أبقار البحر النافقة، يشير إلى المخاطر التي تتعرض لها واحدة من الأنواع البحرية الأكثر عرضة للانقراض في أبوظبي، وذلك بسبب الأنشطة البشرية، ما يؤكد ضرورة التعاون، وبذل المزيد من الجهد للحفاظ على هذا النوع، وحمايته من التهديدات التي يواجهها.وشددت الهيئة على أن غالبية الصيادين التجاريين والترفيهيين على علم بالقوانين التي تحظر استخدام هذا النوع من الشباك، وأن أبقار البحر من أنواع الحيوانات المحمية، وعلى الرغم من الأنظمة المعمول بها، ومستوى الوعي، إلا أن العديد من الصيادين لا يزالون يستخدمون شباك الهيالي لكونها طريقة مربحة بشكل خاص لصيد الأسماك، ولا تزال شباك الصيد المهجورة، واستخدام معدات صيد الأسماك المحظورة، تشكل سبباً رئيساً لنفوق أبقار البحر في المنطقة. جهود الإمارات في التنوع البحري ساهمت جهود الإمارات في مجال المحافظة على التنوع البيولوجي في تقدم الدولة من المركز الـ 33 في عام 2012، إلى المركز الأول عالمياً في عامي 2014 و2016، في مؤشر «المناطق البحرية المحمية»، ضمن مؤشر الأداء البيئي الذي تصدره جامعة ييل. وقال معالي الدكتور ثاني الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة في وقت سابق: «إن دولة الإمارات تحرص على المشاركة في الاتفاقيات الدولية متعددة الأطراف، والرامية إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال المحافظة على الحياة الفطرية، مثل مذكرة التفاهم حول حماية وإدارة أبقار البحر الدولية»، مشيراً إلى أنه بوجود أكثر من 3000 من أبقار البحر ضمن المياه الإقليمية لدولة الإمارات، فإننا ندرك تماماً أن المحافظة على سلامة مروج الأعشاب البحرية، هي من أهم عوامل الإبقاء على استقرار أعداد أبقار البحر. وعي الأجداد لم يصل للأبناء عائشة الكعبي (المنطقة الوسطى) يقول المؤرخ الإماراتي حسين البادي: «كان أجدادنا يصيدون من البحر والبر ما يكفيهم ويسد حاجتهم الآنية ولم يسرفوا في الصيد لأنهم يعلمون إن جاروا في الصيد فإنهم لن يتركوا لأولادهم وأحفادهم من هذا المخزون الأساسي التي تقوم عليه حياتهم ويضمن بقاءهم في هذه الأرض». ويتابع: «أجدادنا كانوا يعيدون إلى البحر الأسماك الصغيرة التي تعلق في شباكهم، وكذلك بعض الحيوانات البحرية التي تعلق في شباكهم ويرون عدم جدوى صيدها أو أنها حامل ببيضها أو جنينها، ويعطونها الفرصة لوضع بيضها وولديها لتستمر دورة الحياة والتكاثر، وكانوا يعرفون كافة أنواع الأسماك، القاعية منها والسطحية، والشتوية منها والصيفية، وهم خبراء بمواسم تكاثر الأسماك والحيوانات البحرية، وعلى علم ودراية بمواعيد إلقاء كل نوع من الأسماك لبيضها، ولهذا يجتنبون صيد هذه الأسماء في مواسم تكاثرها وصعودها إلى السطح وقربها من الساحل لوضع بيضها، وكانوا يصطادون جزءا محددا من أسراب هذه الأسماء وهم على يقين أن صيد هذا الجزء يفي بحاجتهم، ويحافظ على موازنات الطبيعة البيئية للحياة البحرية التي عاشوها وعاشها آباؤهم وأجدادهم وأصبحوا بصيرين وخبراء بها». وأضاف: «كانوا يخصصون شباكا معينة لكل نوع من أنواع الأسماك، والتي تكون فيها الأطوال والأعماق وفتحات الشباك محددة لكل نوع من أنواع الأسماك والصيد، وذلك حتى يحافظوا على الحياة الفطرية في البحر ولا يكونوا سببا لقتل وتدمير هذه المنظومة البيئية الطبيعية التي عليهم أن يتكيفوا معها حتى يحافظوا على هذا المخزون الاستراتيجي والطبيعي للأجيال القادمة، ولكن مع تطور البلاد والحياة وتزايد أعداد البشر في الدولة والمنطقة والعالم بدأت عمليات الصيد الجائر التي لم تراع أي قيمة من القيم التي عاش عليها آباؤنا وأجدادنا والماضون من البشر والتي تقوم على أساس المحافظة على هذه الثروة السمكية والحيوانية للأجيال القادمة، ولهذا تحركت الحكومات والمنظمات المعنية في سن القوانين التي تنظم عمليات الصيد للمحافظة على هذه الثروة بقوة القانون». ويضيف: «لكن مع وجود كل هذه القوانين وتشدد بعضها وإنزال أشد العقوبات في حق المخالفين والجائرين إلا أننا نرى استمرار الأعمال الجائرة في حق الصيد البحري وهو ما يؤدي إلى تشكيل خطر حقيقي على الثروة السمكية. ولذلك تقوم الجهات المعنية في الدولة بفرض القوانين الصارمة إلى تحدد أساسيات الصيد البحري، وكذلك قيامها بأعمال التكثير وتكاثر الأسماك في المعامل والمختبرات والمرابي المتخصصة ومن ثم رمي الإصبعيات في البحر لتغذية المخزون في البحر من أجل التغلب على الخطر الذي يهدد الثروة السمكية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©