الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الحرف العربي ثيمة وأكثر..

الحرف العربي ثيمة وأكثر..
10 نوفمبر 2014 23:34
رضاب نهار (أبوظبي) بين كل تلك الأعمال المعاصرة والمبالغة في حداثيتها في «فن أبوظبي»، تستوقفنا تلك التي لا زالت تحتفظ برائحة شرقية عربية، لنقرأها ليس بوصفها أعمالاً كلاسيكية، أو حتى بنكهتها المحلية، إنما بوصفها أعمال فن معاصر تتكئ على روح أهل الشرق، وعلى لغتهم أيضاً، إذ إن حروف اللغة العربية كانت موضوعاً وعنصراً أساسياً في لوحات بعض الفنانين، من بينهم الفنان المصري أحمد مصطفى (مواليد عام 1943)، الفنانة الباكستانية الأصل سيمين فرحات (مواليد 1968)، والفنان السوري خالد الساعي (مواليد 1970). بدوره عرض جاليري «كاشيا هيلديبراند» من لندن، أعمال هؤلاء، وغيرهم ممن استوحوا تلك التفاصيل، ورسموها في أعمالهم الفنية، لتعرض أمام جمهور «فن أبوظبي»، كما لو أنها قصص تروي حكايات عن المكان والزمان، أبطالها شخصيات موجودة فعلاً، لكنهم تحولوا إلى حروف تقول ما لا نستطيع قوله. فقد شكّلت أحرف لغتنا مادة أولية عند أحمد مصطفى الذي حصل على الدكتوراه في «التأصيل العلمي لأشكال الحروف العربية» من المدرسة المركزية للفنون والتصميم، بالتعاون مع المتحف البريطاني في لندن. إذ اعتمد على شكل الحرف العربي للوصول إلى حالة أكبر وأشمل، ضمت الهندسة وبعض تقنيات الرسم الأوربي وتقاليد فن الخط الإسلامي، وذلك في قالبٍ حداثي معاصر يفشي بأسرار الكون والخلق للمتلقي. تميزت أعماله الموجودة في «فن أبوظبي»، بكونها لوحات ذات حجمٍ كبير أتاح للحرف فيها فرصة التمدد والتفرد على الرغم من أن عناصر أخرى كثيرة تتشارك معه الفضاء ذاته، فبدت الحروف منحنية في قوالب هندسية متداخلة ومتقاطعة من أكثر من منظور، ومن أكثر من زاوية. باللجوء إلى ألوانٍ أنيقة، هادئة وقوية في الوقت نفسه، تساوي مساحات الفاتح والداكن، بفوضى منظمة جداً. أما الفنان السوري خالد الساعي، الذي تربى وسط بيئة فنية وموسيقية، وبدأ حياته كخطاط محترف، فتراه ينفتح في أعماله على الخط العربي، تاركاً المجال لحروفه بالتشكل لوحدها، من أجل خلق منظرٍ طبيعي تمتزج فيه الألوان بتأثير مزاج يتضح من اختياره لها، ولكن كل هذا بأسلوب بعيد عن التنميط والتقليد المتبع في معظم أعمال الخط العربي. لوحته هذه المرة تعكس التضاد الموجود في محيطه الذي من الممكن أنه يرجعه إلى مشكلة في لغة التفاهم. فالحروف تبدو وكأنها في حالة من الشجار، تبدأ في المنتصف كثيفة ومتكدسة فوق بعضها بعضاً وبألوان مختلفة، وتنتهي عند أطراف اللوحة كبيرة وتتلاشى في مساحة من نور. أيضاً بيّنت الانشقاق الموجود من خلال توضع الحروف في المنتصف على كتلتين ضخمتين، وكل كتلة تعاني التكدس والتداخل وعدم الفهم. بدورها قدّمت سيمين فرحات الحاصلة على البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة أريزونا عام 1988، قطعة فنية تغرق فيها الحروف باللونين الأصفر الذهبي والبنفسجي المتأرجح بين البني والأسود، في متاهة متداخلة شكلت ربما عبارة ما، أو شعراً ما، وهي المعروف عنها عملها على تفاعل الشعر مع الخط العربي. وفي الحقيقة، ثمة تكوين نمطي في قطعة سيمين، لكن الخامة المستخدمة في تشكيلها، حيث إنها عبارة عن لوحة عناصرها نافرة مصنوعة من مادة البلاستيك، أو مادة أخرى، قد أسهمت في تميّزها. فكيف للحرف العربي، المنحني بأبعاده اللينة التي يحتاج تجسيدها إلى كثير من الانطواءات، أن يكون من مادة صلبة؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©