الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأجراس

الأجراس
28 أكتوبر 2011 22:20
إحدى القبائل الهندية، وتحديدا قبيلة «ناجا»، يتم إجبار المرأة على تركيب أجراس صغيرة في أطراف ثيابها، يصدر رنين هذه الأجراس في حال حركة المرأة.. لذلك فإن عليها أن تكون دائبة ودائمة الحركة حتى تصدر الأجراس أصواتها المعروفة، والويل كل الويل للمرأة التي تتوقف أجراسها عن الرنين. يعرف الرجال إذا توقفت الأجراس أن المرأة لا تعمل، فيعاقبونها بشدة.. لكن النساء استطعن تطوير حيلة ذكية عن طريق الجلوس للراحة وتحريك الأجراس بأيديهن، فيطمئن الرجال الذين يحكمون على استمرار العمل بأصوت الأجراس. طبعا نحن ندين هذا الأسلوب العبودي في التعامل مع المرأة، لكننا نتعامل معه كأسلوب طريف فقط لا غير ونرصد آليات احتيال المرأة عليه، هذا الاحتيال الذي أجبرها على القيام به الرجل بأنانيته وكسله واستغلاليته. تخيلوا قبيلة كاملة تصحو على رنين الأجراس، حيث تنطلق النساء الى العمل، هذه تنطلق الى النهر لتجلب الماء، وتلك تحلب الخراف، وأخرى توقد الفرن، وهذه تعد طعام الإفطار.. وهكذا دواليك. في ذات اللحظة تخيلوا الرجال في تلك القبيلة وهم يتململون في فرشاتهم بكسل مطلق، عقولهم ما تزال نائمة، ولم تصحو منهم سوى آذانهم التي ترقب وترصد أي توقف لعمل الأجراس. ومع الزمن صاروا يمتلكون قدرات سمعية قوية ، لكنهم – بالتأكيد- يكونون قد خسروا الكثير والكثير من قدراتهم وحواسهم الأخرى. فلننسى هذه الأجراس قليلا، حتى لا نفقد بعض حواسنا، ولنتذكر المرأة .. أي امراة .. أما.. أختا.. زوجة..... صديقة...... إنك إن راقبت المرأة من الصباح حتى المساء- المرأة التي لا تحمل الأجراس في طيات ثيابها- تجدها كتلة دائبة العمل، حتى لو كانت لا تذهب الى العمل. الإنسان أكثر الكائنات احتياجا الى فترة رعاية طويلة جدا، وهي في الواقع تمتد حتى نهاية العمر. والمرأة هي التي تقوم بالرعاية، منذ بداية التاريخ حتى الآن، بدون أجراس ولا حراس، لأنها أم وتحمل طبيعة وحنان وعطاء الأم غريزيا، حتى لو لم تنحب. فهي التي تقوم على إطعام الصغار والعناية بهم، والعناية بالبيت، وتوفير الطعام المناسب والمتنوع للكبار، ثم تقوم بحماية الصغار والإشراف عليهم طوال اليوم، وترتيب البيت والعناية به، وووووو .. إنها أشياء أشعر بالخجل عندما أقوم بتعدادها، لأنني كرجل لا أقوم بأي شئ، سوى القليل من العمل، ثم اتفرغ للتنكيد على المرأة. في الواقع والحقيقة، نحن الذكور من يحتاج الى أن تقوم النساء بتركيب الأجراس على ملابسهم وتعليقها في أنوفهم وخرزات أذانهم حتى لا يحتالوا عليها، لأننا نحن الكسالى، الذين نتفرغ للتقاتل وزهق الأرواح، ونجعل العالم مكانا لا يستحق العيش فيه. - المرأة تصنع الحياة ونحن نفنيها. - المرأة تبني ونحن نهدم. في فيلم لبناني جميل حصل على عدة جوائز عالمية للمخرجة نادين لبكي، اعتقد ن عنوانه «هلأ لوين»، وهو يتحدث عن قرية لبنانية مختلطة بين المسيحيين والمسلمين خلال الحرب الأهلية، حيث ينساق الرجال من الفئتين للتقاتل انسياقا مع الوضع العام، فتتآمر النساء المسلمات والمسيحيات عليهم، وتجبرهم في النهاية على ترك التقاتل، والعودة للتعايش بمحبة وود. هذا في الفيلم، أما على أرض الواقع فمن النادر أن تنجح النساء في إبعاد الرجال عن التقاتل والتناجر والتنابز وعن تدمير الحياة والمحبة في كل مكان. لكن المرأة تحاول دائما ولا تشعر باليأس. فمن يستحق الأجراس إذا؟؟! يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©