الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الوطن العربي ·· التبعية والحركة على الأرض

25 فبراير 2007 01:49
خالد عمر بن ققه: في ظل حركة متواصلة لدول ما كان يطلق عليها في السابق الوطن العربي، وفي أدبيات سياسية أخرى العالم العربي ـ تلك الأدبيات التي رفضها القوميون ثم استنجدوا بها بعد ذلك لكنهم لم يوفقوا في التعلق بها حين ثبّت التقسيم على أساس جغرافي وليس أمميا أو قوميا ـ يبدو أننا نتجه نحو أفق يبدو مسدودا، إذا اخذنا في الاعتبار الوقائع والمعطيات، حيث التراجع على جميع المستويات، وهذا ليس وصفا للواقع ولا تشخيصا للداء في أبعاده المختلفة، ولكنه قراءة للأحداث في محاولة للإجابة عن سؤال: أين يتجه العالم العربي؟ على اعتبار أنه يتكون من مجموعة دول متباينة في مصالحها، بل إنها أحيانا متناقضة ومتصارعة· يرى كثير من المراقبين بما في ذلك بعض من صانعي القرار في عدد من دول العالم بما في ذلك العربية أنه لا جدوى من السؤال السابق، ليس فقط لأن إجابته مرتبطة بطبيعة التحول الحاصل لجهة أن التبعية تمثل هدفا قطريا، وإنما لأن مسار الحركة نفسه على الأرض أيضا لم يعد بيد العرب، ويبدو ذلك جليا في كل من: فلسطين والعراق والصومال والسودان، وفي المستقبل المنظور سيشمل دولا أخرى صغرى وكبرى· المساران·· والأحداث التبعية المطلقة باعتبارها متناقضة مع الأهداف الكبرى للدول العربية مجتمعة، ستؤدي في المستقبل كما هي في الحاضر، وكما كانت في الماضي القريب إلى صراع واضح وعلني حول مسألة التجاذب لجهة تبريرالفعل السياسي لهذه الدولة أو تلك، تماما مثلما يحدد مسار الحركة على الأرض علاقتنا بالآخر في تلك السياسة المبنية في صناعة قراراتها على العمل خارج الرشد الإنساني، دليل ذلك سير الشعوب وبعض عناصر النخبة في اتجاه وسير بعض القادة في اتجاه آخر مختلف· غير أن رفض السؤال المتعلق بتحديد الاتجاه اعتمادا على القبول بالواقع لجهة التبعية ومسار الحركة على الأرض، هو نفسه الدافع للبحث عن إجابة عملية سواء لرفض التبعية أو لتغيير مسار الحركة على الأرض، ويتم ذلك عبر مسارين، الأول: فكري ـ معرفي ـ شامل للسياسة والثقافة و الاقتصاد، والثاني: ميداني سواء بدعم الحركات المحدثة للتغييرعلى الأرض أو بالعمل على قيام حركات جديدة تساهم في صناعة الأحداث، بحيث يمكننا في النهاية الخروج من سيطرة قوتين غاشمتين سياسية ودينية، أولاهما ألبست سلطتها بقوة والثانية ألبست إيمانها بظلم، المدهش أن كلا منهما تبرر ما تقوم به وتعتبره عملا مشروعا، وتذهب إلى الاعتقاد بتقديم حماية للمجتمع، في حين تهلك الحرث والنسل، وفي أحسن الأحوال تدعم فريقا على حساب آخر· بناء على ما سبق تصبح إجابة السؤال: أين تتجه دولنا العربية؟، والكلام هنا بصيغة الجمع ـ نظريا على الأقل ـ واضحا لجهة التداخل بين التبعية المطلقة ومسار الحركة على الأرض، فمن كان يعتقد مثلا أن الصومال تستعين بأثيويبا لمقاتلة المحاكم الإسلامية، مع أنها صومالية المنشأ والرؤية والفعل؟ ومن كان يعتقد أن الدول العربية يصل بها الحال، إلى القول: إن خروج قوات التحالف من العراق سيؤدي إلى حرب أهلية، و كأن وجودها يقدم حماية للشعب العراقي؟ ومن كان يتصور أن الدول العربية التي وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني تساهم بغياب المبادرة في تجويعه فقط لأنه اختار حكومة ذات توجّه إسلامي، ليدفع إلى التقاتل وتصبح قضيتنا الأساسية هي دفعه إلى الاعتراف بإسرائيل؟ الحالة ·· والطابور لقد طالب العرب جميعهم النظام العراقي السابق بضرورة التعامل مع المجتمع الدولي، فماذا كانت النتيجة؟ ولا نزال نرتكب نفس الأخطاء بمطالبة السودان بحل أزمة دارفورعبر تواجد القوات الدولية، ولا ندري أين ستؤول الأمور في المستقبل؟ وبين الحالة العراقية الكارثية وبين الحالة السودانية الأقرب إلى السير على طريق، تقف دول كثيرة في الطابور الطويل منتظرة دورها مرتجفة خائفة، خصوصا بعد أن ظهر العجز على مستوى الدولة القطرية، التي نعمل على تكريسها في صيغ هي أقرب إلى مرحلة ما قبل الدولة، وربما يعد الوصف السابق المحدد الرئيس لاتجاه الدول العربية مستقبلا، انطلاقا من تشابه الوضع، مع الاختلاف فقط في مسألتين، الأولى: اختلاف أزمنة السقوط لجهة الأسبقية، والثانية: جاذبية السقوط، والتي يقدّمها الغرب، كأن يكون الوعد بالديمقراطية أو مكافحة الإرهاب، أو توفير فرص العمل والتقليل من التخلف والمساهمة في التنمية، وعود تلو أخرى، والحل مرهون بالعمل، إذ كيف ننتظر حدوث تغيير من الخارج في حين التربة غير مناسبة لنمو أفكاره وغير مستعدة لتكرار تجاربه؟ الملاحظ أن أطروحات كثيرة متعلقة بالتغيير تحملها نخب ذات توجهات معاصرة ترى أن الحل لأزمتنا يكمن في السيرعلى خطى الآخر الخارجي، مادام ذلك سيصل بنا في النهاية إلى التأثر بإنتاجه المعرفي، وهي محقة في طرحها إذا نظر إلى الأمور من زاوية السلم، والقبول بالتنوع، غير أن رؤيتها قاصرة لأن القبول بالاحتلال مثلا، وقياسا على تجارب عربية سابقة أثبت عدم جدواه، وقد تأخرنا عقودا بسبب الاستعمار، و أريد لنا أن نبقى في التخلف، ثم جاء الاستعجال لجهة الحساب على النتائج، وأخذ بعضنا الحنين إلى سنوات الظلام مرة أخرى، إذن فالتغيير مرهون بتحديد موقعنا جغرافيا وتاريخيا بما يتناسب مع التغير الذي نسعى إليه حتى لو كان بطيئا· الدول العربية لا تتجه في الوقت الراهن إلى المشاركة الفاعلة في صناعة الأحداث ليس لكونها مبعدة ، لكن لأنها تشارك في القبول بأي قرار دولي حتى لو كان على حسابها، انطلاقا من أنها من الضعف بحيث لا يمكنها رفض أي قرار دولي مهما كانت خطورته، بما في ذلك القرارات التي تؤدي إلى تفتيت المجتمعات العربية، ثم يسأل البعض كيف للعنف أن يتواصل وتظهر كل يوم جماعات رافضة، تعتمد الفتنة كمدخل لمزيد من تعطيل حركة المجتمع، جماعات غير واضحة الأهداف لأنها غير شرعية ولا شعبية ولا تحمل وعيا حضاريا بما يمكن أن ينتج على أفعالها في المستقبل المنظور، أما القول السائد من أن حركة التطور لجهة حدوثها تتم عبر زاوية الآخر حتى لو كان محتلا ودمويا، فإن ذلك نوع من القبول بمزيد من الكوارث، لن تكون أي دولة عربية في منأى عنه حتى لو حاولت ذلك، لأنها ستكون خارج لغة العصر الظاهرة اليوم في التكتلات الدولية الكبرى·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©